وقاء يقود جهود مكافحة مقاومة المضادات الحيوية في السعودية

مواجهة التحدي العالمي لمقاومة مضادات الميكروبات

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن الصحي والغذائي، نظم فرع المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها “وقاء” بمنطقة مكة المكرمة، ورشة عمل متخصصة لمواجهة ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات. تأتي هذه الورشة ضمن الجهود الوطنية المتكاملة التي تتبنى نهج “الصحة الواحدة”، وهو مفهوم عالمي يعترف بالترابط الوثيق بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، ويهدف إلى حماية المجتمع من خطر فقدان فعالية الأدوية الحيوية.

السياق التاريخي والخلفية العلمية

تُعد مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) واحدة من أكبر عشرة تهديدات صحية عالمية تواجه البشرية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. تنشأ هذه الظاهرة عندما تتغير البكتيريا والفيروسات والفطريات بمرور الوقت وتتوقف عن الاستجابة للأدوية، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة ويزيد من خطر انتشار الأمراض والوفيات. ويُعزى تطور هذه المقاومة بشكل كبير إلى الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وسوء استخدامها في الطب البشري والبيطري، خاصة في قطاع الإنتاج الحيواني لتعزيز النمو أو الوقاية من الأمراض بشكل غير مدروس، مما يخلق بيئة مثالية لتطور سلالات بكتيرية خارقة.

تفاصيل ورشة عمل “وقاء” وأهدافها

تحت شعار “نعمل الآن.. لحماية حاضرنا وتأمين مستقبلنا”، جمعت الورشة نخبة من الخبراء والمختصين من القطاعين الحكومي والخاص. وقد شهدت حضوراً رفيع المستوى، تقدمه مدير عام فرع “وقاء” بمكة المكرمة، الدكتور غالب الصاعدي، ومدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة، المهندس وليد آل دغيس، مما يعكس الأهمية التي توليها المملكة لهذا الملف. ركزت المحاور العلمية على ترسيخ مفاهيم “الأمن الحيوي” داخل المنشآت الحيوانية كخط دفاع أول، والتشديد على أهمية برامج التحصين الوقائي كبديل آمن وفعال يقلل من الحاجة لاستخدام المضادات الحيوية، وبالتالي يحد من فرص تطور الميكروبات المقاومة.

الأهمية والتأثير المتوقع على المستويات المحلية والدولية

على المستوى المحلي، تساهم هذه الجهود في حماية الثروة الحيوانية في المملكة، التي تعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي، وتتوافق مع أهداف رؤية السعودية 2030 في تحقيق الاستدامة البيئية والصحية. كما أن ضبط استخدام المضادات في الحيوانات يقلل من احتمالية انتقال البكتيريا المقاومة إلى الإنسان عبر السلسلة الغذائية. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذه المبادرة تضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في تطبيق استراتيجيات “الصحة الواحدة”، وتساهم بفعالية في المجهود العالمي لمكافحة هذا “الوباء الصامت”. وأكد الخبراء خلال الجلسات أن التعاون متعدد القطاعات هو السبيل الوحيد للسيطرة على العدوى وضمان بقاء المضادات الحيوية فعالة للأجيال القادمة، مما يحمي الصحة العامة والثروة الحيوانية على حد سواء.