أعلنت وزارة البلديات والإسكان في المملكة العربية السعودية عن تطبيق منظومة جديدة من الضوابط الفنية الدقيقة، تهدف إلى تنظيم آليات منح المدد الإضافية لتطوير الأراضي الخاضعة لنظام الرسوم. تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الوزارة الحثيث لتسريع وتيرة التطوير العمراني، وسد الثغرات التي قد يستغلها البعض للتهرب من سداد الرسوم المستحقة، مما يعكس جدية الجهات المعنية في تطبيق الأنظمة العقارية.
سياق البرنامج وأهدافه الاستراتيجية
يعد برنامج "رسوم الأراضي البيضاء" أحد أهم البرامج الاقتصادية التي أطلقتها المملكة منذ إقرار النظام في عام 2015، كجزء من رؤية المملكة 2030. يهدف البرنامج بشكل رئيسي إلى مكافحة الممارسات الاحتكارية للأراضي داخل النطاق العمراني، وتحفيز الملاك إما على تطوير أراضيهم أو بيعها، مما يساهم في زيادة المعروض العقاري وخفض أسعار الوحدات السكنية لتكون في متناول المواطنين. وتأتي الضوابط الجديدة استكمالاً لهذه الرحلة، لضمان أن تكون المهل الممنوحة للتطوير حقيقية وليست وسيلة للمماطلة.
تفاصيل الضوابط الجديدة وآليات التطبيق
ربطت الوزارة الموافقة على منح المهل الإضافية بمدى جدية التنفيذ على أرض الواقع. وتستهدف هذه الإجراءات بشكل مباشر مُلاك الأراضي الخام والعقارات الشاغرة الذين بدأوا فعلياً في إجراءات التطوير. وقد اشترطت اللجنة المختصة لتقديم طلب المهلة وجود رخص سارية المفعول، مثل اعتماد المخطط أو رخصة البناء أو رخصة البيع على الخارطة "وافي"، على أن تكون هذه الوثائق صادرة قبل صدور الفاتورة المستهدفة أو خلال سنة الفاتورة.
ولضمان الدقة، ألزمت الوزارة المطورين بتقديم جدول زمني مصدق من مكتب هندسي معتمد إذا كانت المدة المطلوبة تتجاوز ستة أشهر، لضمان توافق الخطة مع حجم المشروع وتضاريس الأرض. أما المشاريع التي تتطلب مدداً تتجاوز أربع سنوات، فقد اشترطت تقديم تقرير فني من مكتب هندسي مصنف (درجة أولى أو ثانية) لضمان كفاءة الإشراف.
دور مركز "إتمام" والرقابة الصارمة
في خطوة لتعزيز الشفافية، أوكلت الضوابط مهام تدقيق الطلبات التي تتجاوز مدتها ثلاث سنوات إلى مركز خدمات المطورين العقاريين "إتمام"، لمراجعة واقعية الجداول الزمنية. كما فرضت الوزارة رقابة دورية تلزم المكلف بتقديم تقرير هندسي كل ستة أشهر يوضح نسب الإنجاز. وفي حال انحراف الإنجاز عن الخطة بأكثر من 15%، أو التأخر في تقديم التقارير، يحق للجنة إلغاء المهلة واستحصال الرسوم بأثر رجعي.
الأثر الاقتصادي المتوقع
من المتوقع أن تساهم هذه الإجراءات الحازمة في تحريك المياه الراكدة في سوق الأراضي الخام، حيث سيجد الملاك أنفسهم أمام خيارين: إما التطوير الجاد والفعلي وفق جداول زمنية محددة، أو دفع الرسوم التي تبلغ 2.5% من قيمة الأرض. هذا الضغط التنظيمي سيصب في مصلحة الاقتصاد الوطني من خلال ضخ المزيد من الوحدات السكنية في السوق، وتنشيط قطاع المقاولات والتطوير العقاري، مما يعزز من توازن العرض والطلب في السوق العقاري السعودي.