أعلن المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها «وقاء»، عن توجه استراتيجي جديد يهدف إلى حماية الثروة النباتية في المملكة العربية السعودية، من خلال فرض حزمة من الاشتراطات المشددة على استيراد شتلات الزيتون والعوائل النباتية لبكتيريا «Xylella fastidiosa» من الدول التي سجلت إصابات بهذا الوباء الزراعي. وجاء هذا الإعلان عبر مشروع طرحه المركز في منصة «استطلاع»، ليكون بمثابة خط دفاع أول يحمي الغطاء النباتي المحلي من تسلل الآفات الفتاكة.
خطر بكتيريا «Xylella fastidiosa» والسياق العالمي
تأتي هذه التحركات الوقائية في وقت يشهد فيه العالم قلقاً متزايداً من انتشار بكتيريا «Xylella fastidiosa»، التي تُعرف بكونها واحدة من أخطر البكتيريا النباتية على مستوى العالم، حيث تسببت في تدمير ملايين أشجار الزيتون في جنوب أوروبا، لا سيما في إيطاليا وإسبانيا، مما كبد تلك الدول خسائر اقتصادية فادحة. وتدرك المملكة، التي شهدت نهضة زراعية كبرى في قطاع الزيتون خاصة في منطقة الجوف والشمال، أن التساهل في إجراءات الحجر الزراعي قد يهدد استثمارات بمليارات الريالات ويهدد الأمن الغذائي المستدام الذي تسعى رؤية المملكة 2030 لتحقيقه.
تفاصيل الاشتراطات الجديدة: لا للمنتجات المعدلة وراثياً
وحسمت مسودة الاشتراطات الجدل القائم حول المنتجات المعدلة جينياً، حيث نصت اللوائح بشكل قاطع على حظر استيراد أي شتلات مأخوذة من «أمهات» محورة وراثياً أو منتجة من أصول معدلة، وذلك لضمان سلامة الأصول الوراثية المحلية والحفاظ على التنوع البيولوجي الطبيعي. كما قيدت اللوائح الجديدة استيراد شتلات الزيتون بغرض محدد يتمثل حصراً في عمليات «الإحلال» أو التحول لنظم الزراعة المتقدمة داخل نفس المساحة الجغرافية المزروعة سابقاً، مما يقطع الطريق أمام أي توسع أفقي في مساحات جديدة باستخدام شتلات مستوردة من دول موبوءة، تشجيعاً للاعتماد على الإنتاج المحلي الآمن.
معايير فنية دقيقة وبروتوكولات الحجر
وألزم المركز المستوردين بتقديم ملفات دقيقة لكل بلد منشأ، تتضمن فواتير شراء توضح الاسم العلمي للنبات، مع اشتراط أن تكون الشتلات قادمة من مشاتل معتمدة رسمياً لدى المنظمة الوطنية لوقاية النباتات في بلد التصدير. وفي خطوة لضمان خلو الشتلات من آفات التربة، حظرت الاشتراطات استيراد الشتلات المزروعة في تربة طبيعية، واشترطت زراعتها في أوساط نمو بديلة ومعتمدة مثل «البيتموس» أو «البيرلايت».
المراقبة الصارمة والحق السيادي
ولم تكتفِ «وقاء» بالإجراءات القبلية، بل فرضت بروتوكولاً صارماً لما بعد الوصول، حيث تخضع الشتلات لفحص ظاهري ومخبري دقيق في المنافذ بنسبة ثقة تصل إلى 95%. وفي حال ثبوت سلامتها، لا يتم الإفراج النهائي عنها، بل تُنقل إلى مشاتل حجر معتمدة لتبقى تحت المراقبة الصارمة لمدة عامين كاملين، يُحظر خلالها أخذ أي عقل خضرية منها للإكثار. واختتم المركز اشتراطاته بالتأكيد على حقه السيادي في الإيقاف الفوري لأذونات الاستيراد ومنع دخول أي شحنة، حتى لو كانت في طريقها للوصول، في حال ظهور تقارير وبائية طارئة في بلد التصدير، تغليباً للمصلحة الوطنية العليا.