أعلنت السلطات الليتوانية، اليوم، عن إغلاق مطار فيلنيوس الدولي وتعليق كافة العمليات الجوية بشكل مؤقت، وذلك في أحدث حلقة من سلسلة الاضطرابات التي يشهدها المجال الجوي للبلاد منذ شهر أكتوبر الماضي. وجاء هذا القرار العاجل عقب رصد أجسام طائرة مجهولة الهوية، يُشتبه في كونها مناطيد، حلقت داخل المجال الجوي المحظور، مما استدعى تدخلاً فورياً من المركز الوطني لإدارة الأزمات لضمان سلامة الطيران المدني.
وأكد المركز الوطني لإدارة الأزمات في ليتوانيا أن تعليق حركة الطيران استمر حتى الساعة 19:05 بتوقيت غرينتش، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات الاحترازية ضرورية لتجنب أي حوادث كارثية قد تنجم عن اصطدام الطائرات بهذه الأجسام. وتشير التقارير الأمنية إلى أن هذه المناطيد، التي غالباً ما تكون محملة بشحنات من السجائر المهربة، يتم إطلاقها من الأراضي البيلاروسية المجاورة، مستغلة حركة الرياح لعبور الحدود نحو ليتوانيا.
خلفية التوتر: “حرب هجينة” وأبعاد سياسية
لا يمكن فصل حادثة اليوم عن السياق الجيوسياسي المتوتر بين ليتوانيا وبيلاروسيا. فمنذ سنوات، وتحديداً عقب الانتخابات البيلاروسية في عام 2020 وما تبعها من عقوبات أوروبية، تشهد العلاقات بين البلدين تدهوراً مستمراً. وتتهم فيلنيوس جارتها مينسك بشن ما تصفه بـ “هجوم هجين” متعدد الأوجه، بدأ بأزمة المهاجرين على الحدود، وانتقل مؤخراً إلى استخدام المناطيد الجوية كوسيلة للضغط والاستفزاز، فضلاً عن أغراض التهريب الاقتصادي غير المشروع.
ويرى مراقبون أن تكرار إرسال هذه المناطيد ليس مجرد نشاط إجرامي لمهربين أفراد، بل يتم بتغاضٍ أو ربما بتنسيق من قبل حرس الحدود البيلاروسي، وهو ما تعتبره ليتوانيا انتهاكاً لسيادتها وتهديداً مباشراً للأمن القومي وسلامة النقل الجوي في دولة عضو بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
مخاطر الطيران وتأثيرات اقتصادية
من الناحية الفنية، تشكل هذه المناطيد، رغم بساطة تكوينها، خطراً داهماً على الطائرات التجارية. فدخول أي جسم غريب إلى محركات الطائرات النفاثة أو اصطدامه بجسم الطائرة أثناء الإقلاع أو الهبوط قد يؤدي إلى كوارث جوية محققة. لذا، تلتزم سلطات الطيران بمعايير صارمة تفرض إغلاق المجال الجوي فور رصد أي جسم غير مصرح به، بغض النظر عن حجمه.
وقد تسبب هذا الإغلاق المتكرر في إرباك جداول الرحلات، وتأخير آلاف المسافرين، وتكبيد شركات الطيران خسائر مادية نتيجة تحويل المسارات أو إلغاء الرحلات. ويخشى الخبراء من أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤثر سلباً على سمعة النقل الجوي في منطقة البلطيق، مما يستدعي تحركاً دولياً أوسع للضغط على بيلاروسيا لوقف هذه الممارسات التي تتجاوز مجرد التهريب لتصبح تهديداً للسلامة العامة.
