تتواصل الجهود الدبلوماسية المكثفة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بهدف وضع أسس لإنهاء الحرب الروسية وضمان مستقبل أوكرانيا كدولة ذات سيادة ومستقلة. وفي هذا الإطار، تمثل المباحثات والاتفاقيات الثنائية بين واشنطن وكييف حجر الزاوية في استراتيجية تهدف إلى تعزيز الموقف الأوكراني على الصعيدين العسكري والدبلوماسي، ورسم مسار واضح لتحقيق سلام عادل ودائم.
خلفية الصراع والدعم الأمريكي
منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، برزت الولايات المتحدة كأكبر داعم لكييف، حيث قدمت مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية بمليارات الدولارات. لم يقتصر الدعم على الجانب المادي، بل امتد ليشمل قيادة تحالف دولي لفرض عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا وعزلها دبلوماسياً. تأتي هذه الجهود في سياق تاريخي أوسع يعود إلى عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم ودعمت الانفصاليين في شرق أوكرانيا، مما شكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا.
أهمية الاتفاق الأمني الثنائي
تُوجت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مؤخراً بتوقيع اتفاق أمني ثنائي طويل الأمد. هذا الاتفاق، الذي يمتد لعشر سنوات، لا يُعد بديلاً عن عضوية الناتو، ولكنه يمثل جسراً نحوها، حيث يوفر ضمانات أمنية ملموسة لأوكرانيا. ينص الاتفاق على التزام الولايات المتحدة بمساعدة أوكرانيا في تطوير قدراتها الدفاعية، وتحديث جيشها، وتعزيز صناعتها العسكرية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية. كما يتضمن آلية للتشاور الفوري على أعلى المستويات في حال تعرض أوكرانيا لهجوم مسلح في المستقبل، بهدف تحديد الخطوات التالية وتقديم الدعم اللازم. يبعث هذا الاتفاق برسالة واضحة إلى موسكو مفادها أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا هو التزام طويل الأمد ولن يتزعزع.
“صيغة السلام” الأوكرانية والدور الدولي
على الصعيد الدبلوماسي، تدعم واشنطن بقوة “صيغة السلام” المكونة من 10 نقاط التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ترتكز هذه الخطة على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتدعو إلى انسحاب كامل للقوات الروسية من جميع الأراضي الأوكرانية المعترف بها دولياً، واستعادة وحدة أراضي أوكرانيا، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، وضمان الأمن النووي والغذائي. وقد حظيت هذه الصيغة بدعم دولي واسع، وتعمل الولايات المتحدة مع حلفائها على حشد المزيد من الدعم لها من خلال مؤتمرات دولية تهدف إلى بناء إجماع عالمي حول أسس السلام العادل. إن أهمية هذه المبادرات تكمن في أنها تضع أوكرانيا في موقع القيادة لتحديد شروط إنهاء الحرب، بدلاً من فرض تسويات قد تضر بسيادتها.
التأثير المستقبلي على الأمن الإقليمي والدولي
إن نتائج هذه الجهود المشتركة لن تحدد مستقبل أوكرانيا فحسب، بل ستعيد تشكيل بنية الأمن في أوروبا بأكملها. إن نجاح أوكرانيا في صد العدوان والحفاظ على استقلالها، بدعم من شركائها الدوليين، سيعزز مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة، وسيشكل رادعاً لأي محاولات عدوانية مستقبلية في المنطقة. على المدى الطويل، تهدف هذه الشراكة إلى دمج أوكرانيا بشكل كامل في المؤسسات الأوروبية والأوروبية-الأطلسية، مما يضمن استقرارها وازدهارها ويساهم في تعزيز الأمن الجماعي على المستوى الدولي.
