أعلن الكرملين مساء الثلاثاء عن انتهاء جولة محادثات حساسة مع مبعوثين أمريكيين بشأن الأزمة الأوكرانية دون التوصل إلى تسوية نهائية حول وضع الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. ورغم غياب اتفاق ملموس، وصف الكرملين المباحثات التي استمرت لساعات بأنها كانت “مفيدة وبناءة”، مما يترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية استمرار الحوار الدبلوماسي بين القوتين العالميتين.
شارك في الاجتماع من الجانب الأمريكي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس السابق دونالد ترامب، جاريد كوشنر، حيث التقيا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تصريح للصحفيين، قال المستشار الدبلوماسي للكرملين، يوري أوشاكوف: “حتى الآن لم نتوصل إلى تسوية، لكن من الممكن مناقشة بعض المقترحات الأمريكية”. وأضاف أن “المحادثات كانت مفيدة وبناءة للغاية، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل” للوصول إلى اتفاق.
السياق العام والخلفية التاريخية للصراع
تأتي هذه المحادثات في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت منعطفًا جديدًا مع الغزو الشامل في فبراير 2022، لكن جذور الصراع تعود إلى عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وبدأ النزاع المسلح في منطقة دونباس شرق أوكرانيا. فشلت الجهود الدبلوماسية السابقة، وأبرزها اتفاقيات مينسك (مينسك 1 ومينسك 2)، في تحقيق سلام دائم، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرق بنودها. يمثل الصراع الحالي أكبر مواجهة عسكرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وتتركز الخلافات الجوهرية حول قضايا السيادة الأوكرانية، والتوسع المحتمل لحلف الناتو شرقًا، والوضع القانوني للأراضي التي أعلنت روسيا ضمها.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تكتسب هذه المباحثات أهمية خاصة كونها تمثل قناة اتصال مباشرة ونادرة على هذا المستوى بين موسكو وواشنطن لمناقشة سبل إنهاء الحرب. وعلى الرغم من عدم التوصل لنتائج فورية، فإن مجرد عقدها يشير إلى وجود رغبة لدى الطرفين في استكشاف الحلول الدبلوماسية.
- على الصعيد المحلي: بالنسبة لأوكرانيا، فإن أي تقدم نحو السلام يعني وقف نزيف الدماء والدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية، وعودة ملايين اللاجئين والنازحين. استمرار الحرب يضع ضغطًا هائلاً على موارد البلاد وقدرتها على الصمود.
- على الصعيد الإقليمي: أدت الحرب إلى أزمة لاجئين ضخمة في أوروبا، وزادت من التوترات الأمنية على الجناح الشرقي لحلف الناتو، كما أثرت بشكل كبير على أسواق الطاقة الأوروبية. أي تسوية سلمية ستساهم في تخفيف هذه الضغوط وإعادة الاستقرار إلى القارة.
- على الصعيد الدولي: ألقت الأزمة بظلالها على الاقتصاد العالمي، مسببة تقلبات في أسعار الطاقة والغذاء. كما أنها تمثل تحديًا للنظام الدولي القائم على القوانين. لذلك، يراقب العالم عن كثب أي تحرك دبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة، حيث يمكن أن يحدد مسار العلاقات الدولية لسنوات قادمة.
إن وصف الكرملين للمحادثات بـ”البناءة” قد يكون مؤشرًا على أن المقترحات الأمريكية المطروحة، والتي وُصفت بأنها خطة معدّلة، قد تحتوي على عناصر يمكن البناء عليها في جولات تفاوض مستقبلية، حتى وإن بدت الطريق نحو السلام طويلة ومعقدة.