كشف السيناتور الجمهوري ماركواين مولين عن تقديم الولايات المتحدة عرضًا للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لمغادرة البلاد، في تصريح يسلط الضوء على عمق الأزمة السياسية والتوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس. ويأتي هذا الكشف في وقت تفرض فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سياسة “الضغط الأقصى”، بما في ذلك نشر قوات عسكرية في البحر الكاريبي، بهدف إجبار مادورو على التخلي عن السلطة.
خلفية الأزمة الفنزويلية المستمرة
تعود جذور الأزمة الفنزويلية إلى سنوات مضت، لكنها تفاقمت بشكل حاد بعد وفاة الرئيس هوغو تشافيز وتولي نيكولاس مادورو السلطة في عام 2013. واجهت فنزويلا، رغم امتلاكها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، انهيارًا اقتصاديًا كارثيًا أدى إلى تضخم مفرط، ونقص حاد في الغذاء والدواء، وهجرة جماعية لملايين المواطنين. تصاعدت الأزمة السياسية بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2018، التي اعتبرتها المعارضة والعديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، انتخابات مزورة وغير شرعية. على إثر ذلك، اعترفت واشنطن بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وفرضت سلسلة من العقوبات الاقتصادية الشديدة على حكومة مادورو وقطاع النفط الحيوي.
سياسة الضغط الأقصى والبعد العسكري
يمثل تصريح السيناتور مولين، الذي أكد فيه منح مادورو “فرصة للمغادرة إلى روسيا أو بلد آخر”، انعكاسًا للسياسة الأمريكية المتشددة. وقد تزامنت هذه التصريحات مع تحركات عسكرية أمريكية لافتة في المنطقة. حيث أمر الرئيس ترامب بنشر قطع بحرية في البحر الكاريبي، بما في ذلك مدمرات وسفن مراقبة، تحت ذريعة مكافحة عمليات تهريب المخدرات التي تتهم واشنطن مسؤولين كبار في حكومة مادورو بالتورط فيها. من جانبها، نددت كاراكاس بهذه التحركات واعتبرتها “تهديدًا استعماريًا” وذريعة لتدخل عسكري محتمل، وردت بإجراء مناورات عسكرية على طول سواحلها.
الأهمية والتأثيرات المحتملة
يحمل هذا التصعيد تداعيات كبيرة على مختلف الأصعدة. محليًا، يزيد من عزلة نظام مادورو ويضع ضغطًا إضافيًا على المؤسسة العسكرية التي تعتبر الداعم الرئيسي لبقائه في السلطة. إقليميًا، يثير قلق دول الجوار مثل كولومبيا والبرازيل، التي تستضيف ملايين اللاجئين الفنزويليين وتخشى من امتداد عدم الاستقرار. دوليًا، تبرز الأزمة الفنزويلية كساحة للتنافس الجيوسياسي. فبينما تقود الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط على مادورو، تقدم دول مثل روسيا والصين دعمًا دبلوماسيًا واقتصاديًا وعسكريًا لحكومته، مما يعقد أي حلول محتملة. تصريحات أعضاء بارزين في الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ليندسي جراهام الذي وصف فنزويلا بـ”دولة مخدرات إرهابية” ودعا إلى “إنهاء هذا الجنون”، تشير إلى أن خيار تغيير النظام يظل مطروحًا بقوة على طاولة النقاش في واشنطن، مما يبقي مستقبل فنزويلا محفوفًا بالغموض والمخاطر.