تصعيد في البحر الأسود: أوكرانيا تعلن مسؤوليتها عن استهداف ناقلتي نفط
في تطور لافت للصراع الدائر، أعلنت أوكرانيا يوم السبت مسؤوليتها الكاملة عن الهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط في البحر الأسود قبالة السواحل التركية. وأكد مصدر في جهاز الأمن الأوكراني (SBU) لوكالة فرانس برس أن الهجوم تم باستخدام مسيّرات بحرية متطورة من طراز “سي بيبي” (Sea Baby)، مشيراً إلى أن السفينتين، “فيرات” و”كايروس”، كانتا تنقلان نفطاً روسياً في انتهاك للعقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
خلفية الصراع البحري وأهمية البحر الأسود
يأتي هذا الهجوم في سياق استراتيجية أوكرانية أوسع تهدف إلى شل القدرات البحرية الروسية وتعطيل خطوط إمدادها وطرقها التجارية الحيوية. منذ بداية الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، أصبح البحر الأسود مسرحاً رئيسياً للمواجهة. ورغم تفوق البحرية الروسية التقليدي، نجحت أوكرانيا في تحقيق نجاحات نوعية باستخدام تكتيكات غير متماثلة، أبرزها الطائرات المسيّرة البحرية التي أثبتت فعاليتها في استهداف سفن حربية ومنشآت استراتيجية روسية، بما في ذلك جسر القرم. تهدف هذه العمليات إلى كسر الحصار البحري الروسي وتأمين ممرات التصدير، خاصة للحبوب، التي تعد شرياناً حيوياً للاقتصاد الأوكراني والعالمي.
تأثير الهجوم وأبعاده الاستراتيجية
يحمل استهداف ناقلات النفط أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة. فعلى الصعيد الاقتصادي، يمثل الهجوم ضربة مباشرة لمصادر تمويل آلة الحرب الروسية، حيث تعتمد موسكو بشكل كبير على عائدات تصدير النفط. ومن خلال استهداف السفن التي يُعتقد أنها تشارك في “أسطول الظل” الذي تستخدمه روسيا للتحايل على العقوبات، تبعث كييف برسالة واضحة بأنها قادرة على الوصول إلى المصالح الاقتصادية الروسية في أعالي البحار.
أما على الصعيد الاستراتيجي، فإن العملية تبرهن على التطور المتزايد في القدرات التكنولوجية العسكرية الأوكرانية، وقدرتها على تنفيذ عمليات معقدة بعيداً عن سواحلها. كما يثير الحادث، الذي وقع بالقرب من المياه الإقليمية التركية، مخاوف بشأن سلامة الملاحة في هذا الممر المائي المزدحم، وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن وزيادة التوترات الجيوسياسية في المنطقة. ويضع هذا الهجوم تركيا، العضو في حلف الناتو والتي تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من كييف وموسكو، في موقف حرج يتطلب منها التعامل مع تداعيات أمنية متزايدة على مقربة من سواحلها.