تناقض صارخ في أداء المنتخب التونسي
يعيش جمهور كرة القدم التونسي حالة من التقييم المستمر لأداء منتخب بلادهم، “نسور قرطاج”، الذي غالبًا ما يقدم مستويات متباينة بشكل كبير، وهو ما تجلى بوضوح في فترات متقاربة شهدت أداءً مشرفًا أمام منتخبات عالمية، وخسارة غير متوقعة في بطولة إقليمية. يكمن السر في هذا التناقض غالبًا في قائمة اللاعبين المتاحين، وتحديدًا الفجوة بين الفريق المعتمد على المحترفين في أوروبا والفريق الذي يعتمد على اللاعبين المحليين.
كأس العرب 2021: الخسارة أمام سوريا كنموذج
كانت الخسارة أمام المنتخب السوري بهدفين نظيفين في دور المجموعات من بطولة كأس العرب 2021 التي أقيمت في قطر، بمثابة صدمة للعديد من المتابعين. جاءت هذه النتيجة في وقت كان يُنظر فيه إلى تونس كأحد أبرز المرشحين للقب. لكن السياق يوضح الكثير؛ فالبطولة أقيمت خارج أجندة الفيفا الرسمية، مما عنى أن الأندية الأوروبية لم تكن ملزمة بتحرير لاعبيها الدوليين. نتيجة لذلك، خاض منتخب تونس البطولة بتشكيلة تعتمد بشكل أساسي على اللاعبين الناشطين في الدوري التونسي والدوريات العربية والإفريقية، مع وجود أسماء بارزة مثل فرجاني ساسي وياسين مرياح وعلي معلول. ورغم وصول الفريق إلى المباراة النهائية في تلك البطولة، إلا أن مباراة سوريا كشفت عن تحديات تتعلق بالعمق والجودة عند غياب الركائز الأساسية المحترفة في أوروبا.
مواجهة البرازيل: اختبار لقوة الفريق الأول
على النقيض تمامًا، تأتي المباريات الودية الدولية التي يخوضها المنتخب بكامل نجومه. فعلى سبيل المثال، المباراة الودية أمام منتخب البرازيل في سبتمبر 2022، والتي سبقت نهائيات كأس العالم، كانت اختبارًا حقيقيًا لقوة “نسور قرطاج” الأساسية. على الرغم من الخسارة بنتيجة 5-1، إلا أن المباراة أظهرت قدرة الفريق على مجاراة أفضل منتخبات العالم عند اكتمال صفوفه. شهدت تلك المباراة مشاركة الأعمدة الرئيسية للفريق، مثل منتصر الطالبي، إلياس السخيري، عيسى العيدوني، وهبي الخزري، وغيرهم من المحترفين الذين يشكلون العمود الفقري للمنتخب. هذه المواجهات تبرز الإمكانيات الحقيقية لتونس وتؤكد مكانتها كقوة كروية رائدة في إفريقيا.
الأهمية والتأثير: نظرة على مستقبل نسور قرطاج
يعكس هذا التباين في الأداء تحديًا استراتيجيًا للاتحاد التونسي لكرة القدم. فبينما يضمن المحترفون في أوروبا مستوى تنافسيًا عاليًا للمنتخب الأول، فإن الاعتماد المفرط عليهم يسلط الضوء على ضرورة تطوير مستوى اللاعب المحلي وتقليص الفجوة بين الفريقين الأول والرديف. إن النجاح في البطولات القارية مثل كأس الأمم الأفريقية، والمنافسة بقوة في تصفيات كأس العالم، يتطلب وجود قاعدة أوسع من اللاعبين الجاهزين والقادرين على تقديم أداء ثابت بغض النظر عن هوية المنافس أو ظروف البطولة. إن مستقبل “نسور قرطاج” يعتمد على قدرتهم على بناء فريق متكامل، لا فريقين مختلفين.