في خطوة دبلوماسية لافتة، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نصح السياسية اليابانية البارزة ساناي تاكايتشي بتجنب استفزاز الصين بشأن قضية تايوان الشائكة. جاءت هذه النصيحة في أعقاب تصريحات لتاكايتشي أثارت حفيظة بكين، مما أدى إلى تصعيد التوتر الدبلوماسي بين أكبر اقتصادين في آسيا.
بدأت الأزمة عندما صرحت تاكايتشي، المعروفة بمواقفها المتشددة تجاه الصين، بأن اليابان قد تتدخل عسكريًا للدفاع عن تايوان في حال تعرضها لهجوم صيني. أثارت هذه التصريحات غضبًا عارمًا في بكين، التي تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها بموجب مبدأ “صين واحدة”، وسارعت باستدعاء السفير الياباني لديها للتعبير عن احتجاجها الشديد.
خلفية تاريخية للنزاع
يعود النزاع حول تايوان إلى نهاية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949، عندما فرّت حكومة جمهورية الصين القومية إلى جزيرة تايوان بعد هزيمتها أمام الحزب الشيوعي بقيادة ماو تسي تونغ، الذي أسس جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي. منذ ذلك الحين، تطورت تايوان لتصبح ديمقراطية مزدهرة وتتمتع بحكم ذاتي، لكن بكين لم تتخلَّ يومًا عن هدفها بإعادة توحيد الجزيرة مع البر الرئيسي، ولو بالقوة إذا لزم الأمر. تلتزم معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان، بسياسة “صين واحدة” التي تعترف ببكين كحكومة شرعية وحيدة للصين، لكنها في الوقت نفسه تحتفظ بعلاقات غير رسمية قوية مع تايوان.
أهمية استراتيجية وتأثيرات إقليمية
تحمل قضية تايوان أهمية استراتيجية بالغة لكل من اليابان والولايات المتحدة. بالنسبة لليابان، فإن أي صراع في مضيق تايوان يهدد بشكل مباشر أمنها القومي وممراتها البحرية الحيوية التي تعتمد عليها في التجارة واستيراد الطاقة. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإنها تلتزم بموجب “قانون العلاقات مع تايوان” بتزويد الجزيرة بالوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها، وتعتبر استقرار المنطقة حجر الزاوية في سياستها الخارجية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ووفقًا للمصادر التي نقلت عنها الصحيفة، فإن تدخل ترامب جاء بعد محادثة هاتفية أجراها مع الرئيس الصيني شي جين بينج. ويبدو أن ترامب كان حريصًا على عدم تعريض الاتفاق التجاري الذي توصل إليه مع الصين للخطر، والذي كان يهدف إلى زيادة مشتريات بكين من المنتجات الزراعية الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين يابانيين قولهم إن رسالة ترامب كانت “مثيرة للقلق”، حيث فسّروها على أنها قد تعكس تراجعًا في الالتزام الأمريكي بأمن حلفائه في المنطقة لصالح المصالح الاقتصادية قصيرة المدى.
تُبرز هذه الواقعة مدى تعقيد وتشابك العلاقات في شرق آسيا، حيث تتصادم الطموحات الجيوسياسية مع المصالح الاقتصادية، وتضع الحلفاء التقليديين في مواقف صعبة تتطلب توازنًا دقيقًا بين المبادئ والبراغماتية.
