في خطوة تعكس تشديد سياسات الهجرة في عهدها، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إجراء مراجعة شاملة لجميع بطاقات الإقامة الدائمة، المعروفة بـ “الجرين كارد”، الممنوحة لمواطني أكثر من 12 دولة مصنفة على أنها “مثيرة للقلق”. جاء هذا القرار ك رد فعل مباشر على حادث إطلاق نار وقع في العاصمة واشنطن، تورط فيه شخص من أصول أفغانية.
أكد جوزيف إدلو، الذي كان يشغل منصب مدير خدمات الجمارك والهجرة الأمريكية (USCIS) آنذاك، هذا التوجه في تصريح رسمي، حيث قال: “لقد وجهت بإعادة فحص شاملة ودقيقة لكل حالات الإقامة الدائمة لكل أجنبي من كل دولة مثيرة للقلق”. وأضاف أن هذه المراجعة تهدف إلى ضمان سلامة وأمن الولايات المتحدة من خلال التحقق من خلفيات المهاجرين بشكل أكثر صرامة.
خلفيات القرار وسياسته العامة
لم يكن هذا القرار معزولاً، بل جاء ضمن سياق أوسع من السياسات التي تبنتها إدارة ترامب تجاه الهجرة والأمن القومي. منذ بداية ولايته، وضع ترامب قضايا الهجرة في صدارة أجندته، وأصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية التي هدفت إلى تقييد دخول مواطني عدد من الدول، معظمها ذات أغلبية مسلمة، فيما عُرف إعلامياً بـ “حظر السفر”.
قائمة “الدول المثيرة للقلق” لم تكن جديدة بالكامل، لكن إدارة ترامب وسّعت من نطاقها وشددت من الإجراءات المرتبطة بها. وشملت هذه القائمة دولاً مثل أفغانستان، التي ينحدر منها المشتبه به في حادثة إطلاق النار، بالإضافة إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا. استندت الإدارة في تصنيفها لهذه الدول إلى تقييمات تتعلق بمخاطر الإرهاب وعدم تعاونها الكافي في مشاركة المعلومات الأمنية مع الولايات المتحدة.
التأثيرات المحتملة على المهاجرين والمجتمع
أثار الإعلان عن مراجعة بطاقات الإقامة الدائمة قلقاً واسعاً في أوساط المهاجرين ومنظمات حقوق الإنسان. فبطاقة “الجرين كارد” تمثل خطوة حاسمة نحو الاستقرار والحصول على الجنسية الأمريكية، ومراجعتها بأثر رجعي قد يضع آلاف العائلات في حالة من عدم اليقين القانوني والمستقبلي.
ومن بين الفئات الأكثر تأثراً بهذا القرار هم المهاجرون الذين حصلوا على الإقامة عبر برامج خاصة، مثل برنامج “تأشيرة المهاجرين الخاصة” (SIV) المخصص للمترجمين والمتعاونين الأفغان والعراقيين الذين عملوا مع الجيش الأمريكي. هؤلاء الأفراد، الذين خاطروا بحياتهم لمساعدة القوات الأمريكية، وجدوا أنفسهم فجأة تحت دائرة الشك، مما أثار انتقادات بأن هذه السياسة تتخلى عن حلفاء الولايات المتحدة.
على الصعيد الدولي، قد يسهم مثل هذا القرار في تعزيز الصورة النمطية التي تربط بين الهجرة والإرهاب، وقد يؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والدول المدرجة في القائمة. بينما يرى المؤيدون للقرار أنه خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي، يعتبره المعارضون إجراءً تمييزياً لا يعالج الأسباب الجذرية للعنف ويتسبب في معاناة غير مبررة لأفراد أبرياء.