يواجه المدرب الأسترالي أنجي بوستيكوغلو، المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبير، أول اختبار حقيقي له في الدوري الإنجليزي الممتاز، مؤكداً على ثقته الراسخة في “العملية” التي بدأها مع النادي اللندني، وذلك في خضم سلسلة من النتائج المخيبة التي عصفت ببدايته الاستثنائية للموسم.
خلفية تاريخية: من قمة المجد إلى منعطف حاد
بعد وصوله في صيف 2023، أحدث بوستيكوغلو ثورة في أسلوب لعب توتنهام، محولاً إياه من فريق يعتمد على التحفظ الدفاعي تحت قيادة مدربين سابقين مثل جوزيه مورينيو وأنطونيو كونتي، إلى فريق يتبنى كرة قدم هجومية جريئة وممتعة عُرفت بـ “Ange-ball”. هذه الفلسفة لاقت استحسان الجماهير والنقاد على حد سواء، وقادت الفريق لتحقيق أفضل بداية له في الدوري منذ عقود، حيث تصدر جدول الترتيب في الأسابيع العشرة الأولى دون أي هزيمة. كان الأمل يحدو الجميع بأن توتنهام قد يعود للمنافسة على الألقاب الكبرى.
نقطة التحول وتأثيرها العميق
إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن. شكلت الهزيمة الدرامية أمام الغريم اللندني تشيلسي بنتيجة 4-1 نقطة تحول قاسية. لم تكن الخسارة هي المشكلة الوحيدة، بل شهدت المباراة طرد لاعبين أساسيين هما كريستيان روميرو وديستني أودوجي، بالإضافة إلى إصابات طويلة الأمد لنجمي الفريق، صانع الألعاب جيمس ماديسون والمدافع السريع ميكي فان دي فين. هذا النقص الحاد في القوام الأساسي كشف عن ضعف دكة البدلاء وأدخل الفريق في دوامة من النتائج السلبية، حيث تبعتها هزائم أخرى أبعدت الفريق عن صدارة الترتيب وأثارت الشكوك حول قدرة أسلوب بوستيكوغلو على الصمود أمام تحديات الدوري الإنجليزي الطويل والمُنهك.
بوستيكوغلو: إيمان لا يتزعزع بالأسلوب الهجومي
ورغم الضغوط المتزايدة، أصر بوستيكوغلو في تصريحاته على أنه لن يحيد عن مبادئه. وقال: “أثق في خبرتي وفي الجهاز الفني واللاعبين. هذا هو مفتاح تقدمنا كفريق واحد، وعلينا فقط الاستمرار في ذلك”. وأضاف: “سنواصل الإيمان، وسنواصل العمل. هناك دائماً مجال لمحادثة إضافية، ومشاهدة فيديو آخر، وعقد اجتماع جديد، وخوض حصة تدريبية أخرى. نحاول باستمرار تحسين الأمور، ومعرفة وجهتنا، وتطوير ثقافة الفريق وأسلوب لعبه كل يوم. هذا هو المفتاح”. وقد ظهر إصراره جلياً في مباراة تشيلسي عندما استمر في اللعب بخط دفاع متقدم رغم النقص العددي، وهو قرار أثار جدلاً واسعاً ولكنه أكد على تمسكه بفلسفته مهما كانت الظروف.
الأهمية والتأثير المستقبلي
تعتبر هذه الفترة حاسمة لمستقبل مشروع بوستيكوغلو مع توتنهام. فالنتائج في الأسابيع القادمة ستحدد ما إذا كانت فلسفته الهجومية قادرة على تحقيق النجاح المستدام في أقوى دوريات العالم، أم أنها تحتاج إلى مرونة تكتيكية أكبر. على الصعيد المحلي، ستؤثر هذه النتائج بشكل مباشر على طموحات النادي في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وهو الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه الإدارة. أما على الصعيد الأوسع، فإن نجاح أو فشل تجربة بوستيكوغلو ستكون دراسة حالة مهمة حول جدوى تطبيق فلسفات الكرة الشاملة في بيئة تنافسية ومالية شرسة مثل الدوري الإنجليزي الممتاز.