سويسرا ترفض ضريبة الأثرياء للحفاظ على جاذبيتها الاقتصادية

رفض الناخبون السويسريون بأغلبية ساحقة فرض ضريبة جديدة على التركات الكبيرة، مؤكدين على أهمية استقرار المناخ الاستثماري وتجنب هجرة الأثرياء ورؤوس الأموال.
نوفمبر 30, 2025
8 mins read

في قرار يعكس تمسكها بنموذجها الاقتصادي الفريد، صوت الناخبون في سويسرا بأغلبية ساحقة ضد فرض ضريبة جديدة على التركات والثروات الكبيرة، وذلك في استفتاء شعبي جرت فعالياته يوم الأحد. جاء الرفض بنسبة بلغت حوالي 82%، وفقًا للتقديرات الحكومية الأولية، مما يؤكد المخاوف واسعة النطاق من أن تؤدي هذه الضريبة إلى هجرة جماعية للأثرياء ورؤوس الأموال خارج البلاد، وهو ما يهدد استقرار الاقتصاد السويسري.

كان المقترح، الذي قادته مجموعة الشباب الاشتراكيين اليسارية، يهدف إلى فرض ضريبة بنسبة 50% على جميع الأصول التي تتجاوز قيمتها 50 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 62 مليون دولار)، سواء كانت موروثة أو مُقدمة كهبة. وكان الهدف المعلن من هذه المبادرة هو جمع أموال إضافية لتمويل مشاريع مكافحة تغير المناخ وتعزيز العدالة الاجتماعية.

معارضة واسعة النطاق

قوبلت الخطة بمعارضة شديدة من الحكومة الفيدرالية، وجميع الأحزاب السياسية الرئيسية باستثناء اليسار، بالإضافة إلى مجتمع الأعمال. تركزت حجة المعارضين على أن هذه الضريبة ستشكل تهديدًا مباشرًا للشركات العائلية التي تمثل عصب الاقتصاد السويسري، وقد تجبر أصحابها على بيع أصولهم أو شركاتهم لتسديد الضريبة عند وفاة المؤسس. كما حذروا من أن الضريبة ستؤدي إلى هروب الأثرياء والمستثمرين، مما يقلص القاعدة الضريبية الإجمالية ويضر بالخزينة العامة على المدى الطويل بدلاً من دعمها.

وكان رجل الأعمال البارز بيتر سبوهلر، المساهم الأكبر في شركة “ستادلر” لصناعة السكك الحديدية، من بين الشخصيات التي أعلنت صراحة نيتها مغادرة سويسرا في حال إقرار القانون، معتبراً أن الضريبة ستجعل استمرارية شركته العائلية أمراً مستحيلاً.

سياق اقتصادي وتاريخي

يأتي هذا التصويت في سياق تاريخي طويل رسخ مكانة سويسرا كواحدة من أبرز المراكز المالية وملاذات الثروة في العالم. يعتمد النموذج الاقتصادي السويسري بشكل كبير على الاستقرار السياسي، والسرية المصرفية (رغم تراجعها تحت الضغط الدولي)، ونظام ضريبي تنافسي يجذب الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية والشركات متعددة الجنسيات. وعلى الرغم من أن سويسرا تفرض بالفعل ضرائب على صافي الثروة على المستوى الكانتوني (المحلي)، إلا أن هذا المقترح الفيدرالي كان سيشكل تحولاً جذرياً في السياسة المالية للبلاد.

الأهمية والتأثير المتوقع

على الصعيد المحلي، يؤكد رفض الضريبة رغبة الناخب السويسري في الحفاظ على الوضع الراهن الذي يضمن للبلاد جاذبيتها الاستثمارية. أما على الصعيد الدولي، فإن هذه النتيجة ترسل إشارة قوية بأن سويسرا لا تزال ملتزمة بكونها بيئة آمنة ومستقرة لرأس المال العالمي، في وقت تتجه فيه دول أخرى نحو زيادة الضرائب على الثروات. وتضم سويسرا بالفعل واحدة من أعلى نسب المليارديرات لكل فرد في العالم، حيث تشير دراسة لبنك “يو بي إس” إلى وجود أكثر من 9 مليارديرات لكل مليون نسمة، وهو ما يزيد بخمسة أضعاف عن المتوسط في أوروبا الغربية. ويعزز هذا القرار مكانتها كوجهة مفضلة للأثرياء، خاصة مع وجود أنظمة ضريبية خاصة للأجانب تسمح لهم بدفع مبالغ مقطوعة دون الحاجة للإفصاح الكامل عن ثرواتهم العالمية.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

5 مدارس قيادة جديدة في السعودية: تفاصيل مبادرة المرور 2025
Previous Story

5 مدارس قيادة جديدة في السعودية: تفاصيل مبادرة المرور 2025

نهائي بطولة سال للجولف 2025 في نادي نوفا بالرياض
Next Story

نهائي بطولة سال للجولف 2025 في نادي نوفا بالرياض

Latest from الاقتصاد

أذهب إلىالأعلى