أعلنت السلطات في سريلانكا، اليوم، عن تعليق خدمات قطارات الركاب وإغلاق العديد من الطرق الرئيسية في المناطق المتضررة، وذلك في أعقاب موجة عنيفة من الانهيارات الأرضية والفيضانات العارمة الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي تضرب البلاد منذ الأسبوع الماضي. وقد أسفرت هذه الكوارث الطبيعية عن مصرع أكثر من 30 شخصاً، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن المسؤولين الحكوميين.
تفاصيل الخسائر البشرية في المناطق الجبلية
أفاد مركز إدارة الكوارث الحكومي في سريلانكا بأن فرق الإنقاذ تواجه صعوبات بالغة في الوصول إلى بعض المناطق المنكوبة. وسجلت السلطات 18 حالة وفاة في منطقتي “بادولا” و”نوارا إيليا” الجبليتين، وهما منطقتان تشتهران عالمياً بزراعة الشاي وتقعان على بعد حوالي 300 كيلومتر شرق العاصمة كولومبو. وتعتبر هذه المناطق ذات تضاريس وعرة تجعلها أكثر عرضة للانزلاقات الطينية عند هطول الأمطار بكثافة.
وفي سياق متصل، أكد المركز أن هناك ما لا يقل عن 14 شخصاً آخرين لا يزالون في عداد المفقودين، حيث تسببت الانهيارات الأرضية في طمر بعض المنازل وعزل قرى بأكملها، مما يثير المخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا في الساعات القادمة مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ.
تداعيات الطقس القاسي والبنية التحتية
ارتفعت الحصيلة الإجمالية للضحايا إلى 31 شخصاً منذ بداية موجة الطقس السيئ الأسبوع الماضي. وقد تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت مطلع الأسبوع في دمار واسع للبنية التحتية، حيث غمرت مياه الفيضانات مئات المنازل، وأغرقت الحقول الزراعية، وقطعت الطرق الرئيسية التي تربط بين المحافظات.
كما أشارت التقارير الميدانية إلى فيضان المياه في العديد من الخزانات والسدود والأنهار الرئيسية، مما استدعى فتح بوابات تصريف المياه في بعض السدود لتخفيف الضغط، وهو ما أدى بدوره إلى تفاقم الفيضانات في المناطق المنخفضة وتعطل حركة السير والنقل بشكل شبه كامل في الأقاليم المتضررة.
السياق الجغرافي والمناخي لسريلانكا
تتعرض سريلانكا، الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، بشكل دوري لموجات من الطقس القاسي، خاصة خلال مواسم الرياح الموسمية (المونسون). وتتميز المناطق الوسطى، مثل “نوارا إيليا”، بطبيعتها الجبلية والمنحدرات الحادة التي، ورغم جمالها الطبيعي وأهميتها السياحية والزراعية، تشكل خطراً داهماً خلال مواسم الأمطار بسبب قابلية التربة للانجراف.
ويعزو خبراء الأرصاد الجوية تزايد حدة هذه الظواهر في السنوات الأخيرة إلى التغيرات المناخية العالمية التي أدت إلى عدم انتظام مواسم الأمطار وزيادة كثافتها في فترات زمنية قصيرة، مما يفوق قدرة الأرض على امتصاص المياه وقدرة المصارف الطبيعية والصناعية على استيعاب السيول.
التأثيرات الاقتصادية المحتملة
من المتوقع أن تلقي هذه الكارثة بظلالها على الاقتصاد المحلي، لا سيما في قطاع الزراعة. فمنطقتا “بادولا” و”نوارا إيليا” تعدان القلب النابض لصناعة الشاي السيلاني الشهير، وتضرر مزارع الشاي والبنية التحتية للنقل قد يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة وتعطيل سلاسل التوريد. وتعمل الحكومة السريلانكية حالياً على تقييم الأضرار وتقديم المساعدات العاجلة للمتضررين والنازحين جراء هذه الكارثة الطبيعية.