أعلنت السلطات السريلانكية عن ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات العارمة والانهيارات الطينية التي اجتاحت البلاد إلى 193 قتيلاً، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي تشهدها الجزيرة منذ سنوات. ولا تزال فرق الإنقاذ تبحث بيأس عن 228 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين، وسط مخاوف من ارتفاع عدد الضحايا بشكل أكبر. وقد أدت الكارثة إلى نزوح ما يقرب من 148 ألف شخص من منازلهم، حيث لجأوا إلى ملاجئ مؤقتة أقامتها الحكومة والمنظمات الإنسانية.
بدأت الأزمة تتكشف مع هطول أمطار موسمية غزيرة بشكل غير مسبوق الأسبوع الماضي، والتي تفاقمت يوم الخميس لتغمر مساحات شاسعة من المناطق الجنوبية والغربية من البلاد. وغمرت المياه المنازل والحقول الزراعية وقطعت الطرق الرئيسية، مما تسبب في شل حركة الحياة وعزل العديد من القرى. وكانت منطقة التلال الوسطى، المشهورة عالمياً بزراعة الشاي، من بين الأكثر تضرراً، حيث أدت الأمطار إلى انهيارات أرضية مدمرة جرفت معها المنازل والممتلكات.
السياق المناخي والجغرافي للكارثة
تقع سريلانكا في قلب المحيط الهندي، مما يجعلها عرضة لتأثيرات الرياح الموسمية السنوية. وتشهد البلاد موسمين رئيسيين للأمطار: الموسم الجنوبي الغربي (من مايو إلى سبتمبر) والشمالي الشرقي (من ديسمبر إلى فبراير). ورغم أن هذه الأمطار ضرورية للزراعة، إلا أنها أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر تطرفاً وغير منتظمة، وهو ما يربطه الخبراء بظاهرة تغير المناخ العالمي. كما أن إزالة الغابات في المناطق الجبلية لزراعة الشاي والمحاصيل الأخرى قد أضعف التربة، مما زاد من خطر حدوث الانهيارات الطينية خلال مواسم الأمطار الغزيرة.
التأثيرات المحلية والدولية
على الصعيد المحلي، تمثل هذه الكارثة أزمة إنسانية واقتصادية كبرى. فبالإضافة إلى الخسائر البشرية الفادحة، تواجه سريلانكا تحديات هائلة في إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك الطرق والجسور وشبكات الكهرباء. كما أن تضرر قطاع الزراعة، وخاصة مزارع الشاي التي تعد مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة، من المتوقع أن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني. وعلى الصعيد الدولي، بدأت المساعدات الإنسانية تتدفق على البلاد، حيث أرسلت دول مجاورة ومنظمات دولية فرق إنقاذ ومواد إغاثة عاجلة للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ ودعم المتضررين. وتأتي هذه الكارثة في سياق إقليمي أوسع، حيث شهدت دول أخرى في جنوب وجنوب شرق آسيا، مثل إندونيسيا وتايلاند وماليزيا، فيضانات وانزلاقات أرضية مدمرة، مما يسلط الضوء على هشاشة المنطقة أمام الظواهر الجوية المتطرفة.