شهدت سريلانكا واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، حيث أعلن مركز إدارة الكوارث في البلاد، اليوم الجمعة، عن ارتفاع مأساوي في حصيلة ضحايا الفيضانات وانزلاقات التربة المدمرة. ووفقاً لأحدث البيانات الرسمية، فقد وصل عدد القتلى إلى 607 أشخاص، في حين لا يزال الغموض يكتنف مصير 214 شخصاً آخرين مسجلين في عداد المفقودين، وسط تضاؤل الآمال بالعثور على ناجين تحت الأنقاض وفي المناطق المغمورة بالمياه.
تفاصيل الكارثة وتأثير الإعصار “ديتواة”
أوضح المركز الوطني لإدارة الكوارث أن السبب الرئيسي خلف هذه الفاجعة يعود إلى تأثيرات الإعصار “ديتواة”، الذي ضرب الجزيرة بقوة وتسبب في هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة أدت إلى فيضانات عارمة وانهيارات أرضية واسعة النطاق. وتشير التقديرات إلى أن الإعصار أثر بشكل مباشر على حياة أكثر من مليوني شخص، متسبباً في نزوح مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية في العديد من القرى والمدن.
السياق الجغرافي والمناخي لسريلانكا
تعتبر سريلانكا، الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، عرضة بشكل دائم للكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يضعها في مسار الرياح الموسمية (المونسون). وعادة ما تشهد البلاد موسمين للأمطار، إلا أن التغيرات المناخية العالمية أدت في السنوات الأخيرة إلى زيادة حدة هذه الظواهر وتطرفها، مما يجعل الفيضانات أكثر تدميراً والانهيارات الأرضية أكثر تواتراً، خاصة في المناطق الجبلية والوسطى.
التداعيات الإنسانية والاقتصادية
لا تقتصر آثار هذه الكارثة على الخسائر البشرية الفادحة فحسب، بل تمتد لتشمل تداعيات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد. فقد تسببت السيول الجارفة في تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، التي يعتمد عليها جزء كبير من السكان في معيشتهم، بالإضافة إلى تضرر شبكات الطرق والكهرباء والمياه الصالحة للشرب. هذا الوضع يضع السلطات السريلانكية أمام تحديات هائلة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، وسط مخاوف من انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه في المناطق المنكوبة.
جهود الإنقاذ والموقف الدولي
على الرغم من ابتعاد الإعصار عن أجواء البلاد يوم السبت، إلا أن فرق الإنقاذ والجيش السريلانكي يواجهون صعوبات لوجستية كبيرة في الوصول إلى المناطق المعزولة بسبب انقطاع الطرق والانهيارات الطينية. وتناشد المنظمات الإنسانية المجتمع الدولي لتقديم يد العون والمساعدة العاجلة لإيواء المشردين وتوفير الغذاء والدواء للمتضررين، في وقت تحاول فيه البلاد لملمة جراحها بعد هذا الدمار الواسع الذي خلفه الإعصار في الجزيرة التي يقطنها نحو 22 مليون نسمة.