في خطوة تنظيمية حازمة تهدف إلى تعزيز الشفافية في السوق السعودي وحماية المستهلكين من التضليل، أصدرت الهيئة العامة للغذاء والدواء قراراً يلزم كافة مصنعي ومستوردي الأغذية بتقديم إثباتات فنية رسمية وموثقة عند تدوين أي عبارات تشير إلى درجة أو تصنيف جودة المنتج على بطاقة العبوة. ويأتي هذا القرار ليضع حداً للاجتهادات التسويقية التي قد لا تعكس الواقع الفعلي للمنتجات.
تفاصيل القرار وآليات التنفيذ
وفقاً للتعميم الصادر، اشترطت الهيئة تطابق الادعاءات المكتوبة على العبوات مع اللوائح الفنية والمواصفات القياسية المعتمدة. ولضمان ذلك، تم وضع آليتين للتحقق:
- للمنتجات المستوردة: يجب إرفاق «شهادة مطابقة إرسالية» مع كل شحنة، صادرة عن جهات تقويم المطابقة المعتمدة، تؤكد صحة درجة الجودة المدونة قبل الفسح الجمركي.
- للمصانع الوطنية: يتوجب تقديم «تقرير تحليل فني» معتمد من مختبرات مختصة، يثبت بالدليل العلمي صحة التصنيف المذكور، مما يضمن المساواة في المعايير الرقابية بين المنتج المحلي والمستورد.
سياق القرار وأهميته الاستراتيجية
يأتي هذا التحرك ضمن استراتيجية الهيئة العامة للغذاء والدواء المتوافقة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج «جودة الحياة»، الذي يركز على رفع معايير السلامة والصحة العامة. تاريخياً، عانت الأسواق العالمية والمحلية من ظاهرة «الغسيل التسويقي»، حيث تستخدم بعض الشركات مصطلحات مثل (درجة أولى، فاخر، ممتاز) دون وجود معيار حقيقي يدعم هذه الأوصاف، مما يؤدي إلى تضليل المستهلك ودفعه لدفع أسعار أعلى مقابل جودة وهمية.
ويعد هذا التنظيم امتداداً لسلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الهيئة مؤخراً، مثل إلزام المطاعم بوضع السعرات الحرارية، وتنظيم الإفصاح عن مسببات الحساسية، بهدف رفع وعي المستهلك وتمكينه من اتخاذ قرارات غذائية سليمة مبنية على حقائق لا مجرد شعارات.
التأثير الاقتصادي وحماية المنافسة
من المتوقع أن يحدث هذا القرار تأثيراً إيجابياً ملموساً على البيئة الاستثمارية في قطاع الأغذية:
- محلياً: سيعزز من ثقة المستهلك في المنتج الوطني الذي يلتزم بالمعايير، ويحمي المصنعين الملتزمين من المنافسة غير العادلة مع منتجات تدعي الجودة زوراً.
- دولياً: يرفع من سمعة السوق السعودي كبيئة تنظيمية صارمة تلتزم بالمعايير الدولية، مما يضمن دخول منتجات عالية الجودة فقط إلى المملكة.
مهلة التصحيح والعقوبات المنتظرة
مراعاةً للجوانب التشغيلية للمنشآت، منحت الهيئة المصنعين والموردين مهلة تصحيحية تمتد لستة أشهر من تاريخ صدور التعميم لتوفيق أوضاعهم. وشددت الهيئة على أنها ستتخذ كافة الإجراءات النظامية والعقابية بحق المخالفين فور انتهاء هذه الفترة.
كما نوهت الهيئة إلى ضرورة التعامل حصراً مع قائمة جهات تقويم المطابقة المعينة رسمياً من قبلها، والبالغ عددها 28 شركة معتمدة، لضمان قبول الوثائق والشهادات المقدمة، مؤكدة أن هذا الإجراء هو ركيزة أساسية لضمان مصداقية ما يقدم للمستهلك في الأسواق السعودية.