في خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين الرياض ولندن، التقى قائد القوات المشتركة السعودية، الفريق الركن فهد بن حمد السلمان، بنظيره قائد العمليات المشتركة البريطاني، الفريق نيك بيري، وذلك خلال زيارة رسمية يجريها الفريق السلمان إلى المملكة المتحدة. وشكل اللقاء منصة هامة لبحث سبل تعزيز وتطوير التعاون العسكري الثنائي، ومناقشة المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتأتي هذه المباحثات استكمالاً لمسيرة طويلة من الشراكة الدفاعية بين البلدين، والتي تمتد لعقود من الزمن. فالعلاقات العسكرية السعودية البريطانية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تحالف استراتيجي راسخ قائم على المصالح المشتركة والثقة المتبادلة، ويهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تحديات جيوسياسية متزايدة. وقد تبلورت هذه الشراكة عبر اتفاقيات دفاعية وتدريبات عسكرية مشتركة وبرامج لتبادل الخبرات ساهمت في رفع الكفاءة القتالية والجاهزية العملياتية لكلا الجيشين.
وخلال الاجتماع، استعرض الجانبان العلاقات العسكرية القائمة وبحثا آليات جديدة لتوسيع نطاق التنسيق المشترك. ولم تقتصر المناقشات على الجوانب التقليدية، بل شملت على الأرجح مجالات حيوية مثل الأمن البحري في الممرات المائية الهامة كالبحر الأحمر ومضيق هرمز، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والتعاون في مجال الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة. كما تم التأكيد على أهمية استمرار الجهود المشتركة لدعم الاستقرار الإقليمي والدولي.
يكتسب هذا التعاون أهمية مضاعفة في ظل الأوضاع الراهنة. فعلى الصعيد المحلي، ينسجم تعزيز الشراكات العسكرية مع دول رائدة مثل بريطانيا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تولي اهتماماً كبيراً بتحديث القوات المسلحة وتطوير الصناعات العسكرية المحلية. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذا التحالف يمثل رسالة واضحة حول الالتزام المشترك بمواجهة مصادر التهديد، ويعزز من بنية الأمن الجماعي في منطقة الخليج، التي تعد عصب الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة.
وفي ختام اللقاء، شدد القائدان على ضرورة مواصلة العمل المشترك وتطوير التكامل في مجالات العمليات العسكرية والتدريب وتبادل الخبرات. ويُتوقع أن تُترجم هذه الرؤية إلى مزيد من المناورات والتمارين المشتركة في المستقبل القريب، بما يخدم المصالح الاستراتيجية للبلدين الصديقين ويساهم في بناء مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للمنطقة والعالم.