يُعد نظام التأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية أحد الركائز الأساسية لمنظومة الحماية الاجتماعية، حيث يهدف إلى تأمين مستقبل المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم بعد التقاعد أو في حالات العجز أو الوفاة. وإدراكًا للتغيرات في سوق العمل وتنوع أنماط التوظيف، أتاح النظام خيار الاشتراك الاختياري في فرع المعاشات، مما يوسع مظلة الحماية لتشمل فئات لم تكن مغطاة سابقًا بشكل إلزامي.
السياق العام وأهمية الاشتراك الاختياري
تأسست المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (GOSI) بهدف تطبيق أحكام نظام التأمينات، الذي يمثل جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المملكة التنموية ورؤية 2030. تسعى الرؤية إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز الشبكة الاجتماعية للمواطنين. يأتي نظام الاشتراك الاختياري كخطوة استباقية لدعم شرائح مهمة في الاقتصاد الوطني، مثل أصحاب المهن الحرة، والحرفيين، والعاملين لحسابهم الخاص، الذين يشكلون جزءًا متناميًا من القوى العاملة. يمنحهم هذا النظام فرصة التخطيط المالي طويل الأجل والاستفادة من المنافع التقاعدية، مما يعزز الاستقرار المالي والاجتماعي لهم ولأسرهم.
الفئات التي يحق لها الاشتراك الاختياري في التأمينات
حدد نظام التأمينات الاجتماعية السعودي خمس فئات رئيسية من المواطنين السعوديين الذين يمكنهم التسجيل في فرع المعاشات بشكل اختياري، وهم:
- أصحاب المهن الحرة: ويشمل ذلك كل من يمارس مهنة بشكل مستقل مثل الأطباء والمهندسين والمحامين، شريطة امتلاكهم ترخيصًا رسميًا من الجهات المختصة لمزاولة المهنة.
- الحرفيون: الأفراد الذين يعملون في الحرف اليدوية لحسابهم الخاص أو بالمشاركة، مثل النجارين والسباكين والحدادين، بشرط حصولهم على ترخيص مزاولة الحرفة.
- العاملون خارج المملكة: المواطنون السعوديون الذين يعملون في الخارج دون أن يكونوا مرتبطين بعقد عمل مع صاحب عمل مقره الرئيسي داخل السعودية. يتيح لهم هذا الخيار الاستمرار في بناء سجلهم التأميني.
- العاملون في البعثات الأجنبية: السعوديون العاملون في السفارات أو القنصليات أو الهيئات الدولية والأجنبية داخل المملكة، والذين لا يخضعون للنظام بشكل إلزامي.
- من توقف اشتراكهم الإلزامي: المشتركون الذين كانوا خاضعين للنظام بشكل إلزامي وتوقف اشتراكهم لسبب ما (مثل ترك العمل)، ويرغبون في مواصلة دفع الاشتراكات للحفاظ على حقوقهم التقاعدية أو زيادتها.
شروط وضوابط الاشتراك الاختياري
لضمان تنظيم العملية وتحقيق أهدافها، وضعت التأمينات الاجتماعية مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المتقدم بطلب الاشتراك الاختياري، وأبرزها:
- العمر: يجب أن يتراوح عمر المتقدم بين 18 و60 عامًا. يُستثنى من شرط الحد الأعلى (60 عامًا) من كان لديه مدة اشتراك سابقة، حيث يمكنه التقديم مهما كان عمره، إلا إذا كان قد استحق معاشًا بالفعل، فيشترط ألا يتجاوز عمره 65 عامًا.
- شريحة الدخل: يمكن للمشترك الجديد اختيار أي شريحة دخل من الشرائح المتاحة. أما من لديه اشتراك إلزامي سابق، فيجب أن يختار شريحة مساوية أو أعلى بنسبة لا تتجاوز 10% من آخر أجر اشتراك له.
- تاريخ بدء الاشتراك: يبدأ سريان الاشتراك الاختياري من بداية الشهر التالي لتاريخ الموافقة على الطلب.
- نسبة الاشتراك: تبلغ نسبة الاشتراك 18% من شريحة الدخل التي يختارها المشترك.
- الالتزام بالسداد: يلتزم المشترك بسداد قيمة الاشتراك الشهري خلال الخمسة عشر يومًا الأولى من كل شهر ميلادي.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي للنظام
يمثل الاشتراك الاختياري أداة مهمة لتحقيق الشمول المالي والاجتماعي. على الصعيد المحلي، يشجع هذا النظام على ريادة الأعمال والعمل الحر من خلال توفير شبكة أمان كانت تقتصر في السابق على الموظفين. كما يساهم في تقليل الاعتماد المستقبلي على برامج الدعم الحكومي، ويعزز ثقافة الادخار والتخطيط للمستقبل، وهو ما يتماشى مع أهداف برنامج تطوير القطاع المالي. دوليًا، تضع هذه المبادرات المملكة في مصاف الدول المتقدمة التي تمتلك أنظمة حماية اجتماعية مرنة وقادرة على التكيف مع مختلف أشكال العمل الحديثة.