في خطوة دبلوماسية هامة تعكس عمق العلاقات المتنامية، وقعت المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية، اليوم، اتفاقية تاريخية للإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرة الدخول لمواطني البلدين. وجرت مراسم التوقيع في العاصمة الرياض، على هامش منتدى الاستثمار والأعمال السعودي-الروسي، بحضور شخصيات رفيعة المستوى يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة ورئيس الجانب السعودي في اللجنة السعودية-الروسية المشتركة، ومعالي نائب رئيس مجلس الوزراء في روسيا الاتحادية، السيد ألكسندر نوفاك.
وقام بتوقيع الاتفاقية عن الجانب السعودي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، وعن الجانب الروسي معالي السيد ألكسندر نوفاك. وتُعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها التي تبرمها المملكة وتشمل حاملي جوازات السفر العادية، مما يمثل نقلة نوعية في تسهيل حركة الأفراد بين البلدين.
خلفية وسياق العلاقات السعودية-الروسية
يأتي هذا التطور تتويجًا لمسار طويل من التعاون المتزايد بين الرياض وموسكو خلال العقد الماضي. لم تقتصر العلاقات على كونهما أكبر منتجي النفط في العالم وتعاونهما الوثيق ضمن إطار “أوبك+” لتحقيق استقرار أسواق الطاقة العالمية، بل امتدت لتشمل مجالات اقتصادية واستثمارية وسياسية متعددة. وقد شهدت السنوات الأخيرة تبادلًا للزيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز التاريخية إلى موسكو عام 2017، وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض عام 2019، مما أسس لشراكة استراتيجية متينة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
تفاصيل الاتفاقية وأهميتها
تشمل الاتفاقية جميع أنواع جوازات السفر (الدبلوماسية، الخاصة، والعادية)، وتسمح لمواطني البلدين بالدخول والإقامة لمدة تصل إلى 90 يومًا خلال كل 180 يومًا، سواء كانت الزيارة لأغراض السياحة، أو الأعمال التجارية، أو زيارة الأقارب والأصدقاء. ومع ذلك، أوضحت الاتفاقية أن الإعفاء لا يشمل الأغراض التي تتطلب تصاريح خاصة مثل العمل، الدراسة، الإقامة الدائمة، أو أداء فريضة الحج، حيث يظل الحصول على التأشيرة المخصصة لهذه الأغراض إلزاميًا.
الأثر المتوقع على رؤية 2030 والقطاعات المختلفة
تنسجم هذه الخطوة بشكل مباشر مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تضع قطاعي السياحة والاستثمار كركائز أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني. من المتوقع أن يؤدي إلغاء التأشيرات إلى زيادة كبيرة في أعداد السياح ورجال الأعمال الروس القادمين إلى المملكة، مما يساهم في تنشيط قطاع الضيافة والترفيه والنقل. كما يفتح الباب أمام المستثمرين الروس لاستكشاف الفرص الواعدة في المشاريع السعودية الكبرى مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية. على الصعيد المقابل، سيتمكن المواطنون السعوديون من استكشاف الوجهات السياحية والثقافية الغنية في روسيا بسهولة أكبر، مما يعزز التبادل الثقافي والشعبي بين البلدين الصديقين ويدعم جسور التواصل بينهما.