كشفت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي السعودي "ساما" عن استمرار المصارف التجارية في المملكة العربية السعودية بأداء دورها الحيوي في دعم الحركة التجارية، حيث قدمت تسهيلات تمويلية لواردات القطاع الخاص (تشمل الاعتمادات المستندية المسددة وأوراق التحصيل) بقيمة إجمالية بلغت 14.3 مليار ريال خلال شهر أكتوبر الماضي.
ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه الاقتصاد السعودي تحولات جوهرية ضمن رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تمكين القطاع الخاص ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وتُعد هذه التسهيلات مؤشراً هاماً على نشاط الحركة التجارية وقوة الطلب المحلي، فضلاً عن متانة القطاع المصرفي السعودي وقدرته على توفير السيولة اللازمة لاستمرار سلاسل الإمداد لمختلف القطاعات الحيوية.
تحليل البيانات الشهرية والسنوية
أظهرت البيانات الرسمية انخفاضاً في حجم التسهيلات التمويلية لشهر أكتوبر بنسبة 4.6% على أساس شهري، مقارنة بمستويات شهر سبتمبر 2025 التي سجلت 14.9 مليار ريال. وعلى الصعيد السنوي، سجلت التسهيلات تراجعاً بنسبة 7.5% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، حيث كانت تبلغ 15.5 مليار ريال. ويعزو خبراء الاقتصاد هذه التذبذبات الشهرية إلى دورات المخزون الطبيعية لدى الشركات وتغيرات الأسعار العالمية لبعض السلع الأساسية.
توزيع التمويل حسب القطاعات
توزعت التسهيلات التمويلية على عدة قطاعات رئيسية، مما يعكس تنوع الواردات واحتياجات السوق السعودي، وجاءت التفاصيل كالتالي:
- مواد البناء: تصدرت القائمة بقيمة 1.9 مليار ريال، رغم تسجيلها انخفاضاً شهرياً بنسبة 30.8% وسنوياً بنسبة 20.7%. ويعكس هذا الرقم استمرار الزخم في قطاع التشييد والبناء، مدفوعاً بالمشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة.
- السيارات: حلت في المرتبة الثانية بتمويلات قدرها 1.8 مليار ريال، مسجلة تراجعاً عن مستويات سبتمبر البالغة 2.1 مليار ريال، وانخفاضاً سنوياً بنسبة 49.4% مقارنة بـ 3.6 مليار ريال في العام السابق.
- المواد الغذائية: جاءت في المرتبة الثالثة بقيمة 1.4 مليار ريال، مما يؤكد الأولوية القصوى للأمن الغذائي في المملكة. وتوزعت هذه القيمة بين الحبوب (295 مليون ريال)، والمواشي واللحوم (353 مليون ريال)، والسكر والشاي والبن (74 مليون ريال)، إضافة إلى الفواكه والخضروات والمواد الغذائية الأخرى.
قفزة نوعية في واردات الآلات
في مؤشر إيجابي يعكس توجه القطاع الخاص نحو التوسع الصناعي والتقني، سجلت واردات الآلات ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 130% على أساس شهري، لتبلغ 658 مليون ريال في أكتوبر، مقارنة بـ 286 مليون ريال في سبتمبر 2025. ورغم هذا النمو الشهري الكبير، إلا أنها سجلت انخفاضاً سنوياً بنسبة 28.2%.
الأجهزة والسلع الأخرى
وفيما يتعلق بقطاع الأجهزة، أشارت البيانات إلى نشاط ملحوظ، حيث بلغت قيمة الواردات 601 مليون ريال، محققة نموًا شهريًا بنسبة 27.3% وقفزة سنوية كبيرة بلغت 107.2%. أما بقية السلع الأخرى، فقد استحوذت على حصة كبيرة من التسهيلات التمويلية بلغت نحو 7.75 مليار ريال، مما يشير إلى تنوع القاعدة الاستهلاكية والإنتاجية في المملكة.
وتعكس هذه الأرقام بمجملها استقرار السياسات النقدية والمالية التي يشرف عليها البنك المركزي السعودي، والتي تضمن توفر النقد الأجنبي وتسهيل عمليات التجارة الدولية للشركات الوطنية، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز تجاري ولوجستي عالمي.