أعلنت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية عن تحقيق قفزة نوعية في قطاع التعدين، حيث ارتفعت صادرات الأسمدة الفوسفاتية خلال عام 2024 لتصل إلى 5.7 مليون طن، مقارنة بـ 5.4 مليون طن في العام السابق، مسجلةً بذلك نموًا ملحوظًا بنسبة 4.6%. ويأتي هذا الإنجاز، الذي تم الكشف عنه ضمن نشرة “إحصاءات الثروة المعدنية 2024″، ليعكس التقدم الكبير الذي تحرزه المملكة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الأسواق العالمية.
يُعد هذا النمو في صادرات الأسمدة الفوسفاتية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية أوسع تتبناها المملكة ضمن رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للصناعة السعودية بعد النفط والبتروكيماويات. وتستثمر المملكة بشكل مكثف في تطوير مواردها المعدنية الهائلة، خاصة في منطقة الحدود الشمالية التي تحتضن مخزونات ضخمة من الفوسفات. وتلعب شركة التعدين العربية السعودية “معادن” دورًا محوريًا في هذا المجال من خلال مشاريعها العملاقة مثل مشروع “وعد الشمال”، الذي يُعتبر أحد أكبر المجمعات الصناعية للفوسفات في العالم.
تأثير اقتصادي ودور عالمي متنامٍ
لا يقتصر تأثير هذا النمو على الأرقام الاقتصادية فحسب، بل يمتد لتعزيز دور المملكة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي. فالأسمدة الفوسفاتية مكون أساسي لزيادة الإنتاجية الزراعية حول العالم، ومع تزايد الطلب العالمي على الغذاء، تبرز السعودية كمورد موثوق ومستدام لهذه المادة الحيوية. وعلى الصعيد المحلي، يساهم هذا التطور في خلق آلاف الوظائف، وتنمية المحتوى المحلي، وجذب استثمارات أجنبية نوعية إلى قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به.
وتؤكد البيانات الصادرة عن الهيئة هذا التوجه نحو الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة التصديرية، حيث سجلت واردات الأسمدة الفوسفاتية انخفاضًا حادًا بنسبة 51.7% لتصل إلى 66.2 ألف طن فقط خلال عام 2024. هذا التباين الكبير بين الصادرات المتنامية والواردات المتراجعة يشير بوضوح إلى نجاح المملكة في تلبية الطلب المحلي وتوجيه الفائض الإنتاجي للأسواق الدولية بكفاءة عالية.
نظرة شاملة على قطاع الثروة المعدنية
لم تقتصر نشرة الهيئة على الأسمدة، بل قدمت صورة متكاملة عن نشاط قطاع التعدين. فقد كشفت عن ارتفاع إجمالي عدد الرخص التعدينية الصادرة إلى 2,401 رخصة في عام 2024، بنمو تراكمي بلغ 21% منذ عام 2016. كما بلغ إجمالي مواقع التمعدن المكتشفة في المملكة 5,651 موقعًا، تستحوذ المعادن اللافلزية على النسبة الأكبر منها (54.1%)، مما يبرز التنوع الجيولوجي الغني للمملكة.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية للمعادن الأخرى، أظهرت الإحصاءات قوة المملكة في تصدير الألومنيوم والرصاص، حيث بلغت صادرات الألومنيوم 283 ألف طن، وصادرات الرصاص حوالي 59 ألف طن. في المقابل، لا تزال المملكة تعتمد على الاستيراد في معادن أخرى مثل الزنك والنيكل، وهو ما يمثل فرصًا استثمارية مستقبلية لتطوير صناعات تعدينية جديدة تماشيًا مع أهداف الرؤية.
