تعيش الجماهير الرياضية السعودية حالة من الترقب المستمر مع كل مشاركة للمنتخب الوطني "الأخضر" في المحافل الإقليمية والدولية. ففي الدوحة، التي باتت عاصمة للرياضة العالمية، خاض المنتخب السعودي غمار منافسات بطولة كأس العرب، وسط حسابات معقدة للتأهل إلى الدور الثاني. هذه البطولات لا تمثل مجرد منافسات عابرة، بل هي محطات هامة لقياس جاهزية الكرة السعودية ومقارعتها للمستويات العربية المتطورة، حيث تظل الآمال معلقة دائماً على تجاوز دور المجموعات والمنافسة على الألقاب، بانتظار نتائج المباريات الحاسمة التي تحدد مصير الصدارة أو الوصافة.
آفة التعصب وتأثيرها على مسيرة الأخضر
على الرغم من الأجواء الحماسية التي تصاحب مشاركات المنتخب، إلا أن المشهد الرياضي لا يخلو من نغمة "الميول" والتعصب للأندية التي تعكر صفو الوحدة الوطنية خلف الشعار الأخضر. للأسف، لا يزال البعض يقتات على إثارة الجدل لضمان التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، متجاهلين المصلحة العليا للمنتخب. هؤلاء "المتأزمون" يضعون الجماهير في حيرة بين الفرح بالانتصارات أو التقليل منها بحجج واهية مثل ضعف المنافس، تاركين لأنفسهم خطوط رجعة لتبرير مواقفهم سواء تقدم المنتخب أو تعثر. هذا النوع من الطرح الإعلامي لا يخدم مسيرة التطوير الرياضي، بل يزيد من الاحتقان الجماهيري ويبتعد كل البعد عن النقد الفني الهادف والبناء.
سالم الدوسري تحت مجهر النقد
يبرز النجم سالم الدوسري كأحد أهم الأسماء التي طالتها سهام النقد الموجه بميول الأندية. فبين المديح المفرط والنقد الجارح، يضيع التقييم الفني الحقيقي لما يقدمه اللاعب داخل المستطيل الأخضر. الحقيقة الثابتة هي أن النقد الفني، إيجاباً كان أم سلباً، هو ظاهرة صحية ومطلوبة، ولكن بشرط أن يتجرد من ألوان الأندية (الهلال والنصر). الدوسري وغيره من نجوم الأخضر يقدمون مستويات مميزة، والانتصارات أو الإخفاقات في عالم كرة القدم هي مسؤولية جماعية لا يتحملها لاعب بمفرده، وهو مبدأ يجب أن يترسخ في عقلية الإعلام الرياضي.
قرعة عالمية وتحديات كبرى
وبالحديث عن العالمية، وضعت القرعة المنتخب السعودي في مواجهة تحديات جسيمة بوقوعه في مجموعة تضم منتخبات عريقة مثل إسبانيا وأوروغواي والرأس الأخضر. تاريخياً، واجهت الرياضة السعودية تحديات مماثلة أمام المدارس الأوروبية واللاتينية، حيث تعتبر إسبانيا مرشحة دائمة للألقاب بفضل تطورها التكتيكي الهائل. إن الوقوع في مثل هذه المجموعات الصعبة يعد سلاحاً ذو حدين؛ فهو من جهة يقلل نظرياً من فرص التأهل، ولكنه من جهة أخرى يمنح اللاعبين فرصة الاحتكاك بأعلى المستويات العالمية. التركيز في مثل هذه المواجهات يجب أن ينصب على الأداء التكتيكي المتوازن، حيث أن الخروج بنتيجة إيجابية أمام منتخب بحجم أوروغواي قد يكون المفتاح السحري لقلب التوقعات.
نظرة مستقبلية وأهمية الالتفاف الجماهيري
ختاماً، يمر القطاع الرياضي في المملكة العربية السعودية بنقلة نوعية غير مسبوقة تتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى وضع الرياضة السعودية في مصاف الدول المتقدمة. هذه المرحلة تتطلب وعياً جماهيرياً وإعلامياً يواكب حجم الطموحات. يجب أن نترك التغريدات المحبطة والآراء الشاطحة جانباً، وأن نقف صفاً واحداً خلف "الأخضر" في حله وترحاله. فالمرحلة المقبلة تتطلب دعماً لا مشروطاً، مرددين شعاراً واحداً: "وين ما يروح الأخضر أنا وياه"، ليكون الجمهور هو اللاعب رقم واحد في معادلة الانتصارات القادمة.