شكلت دورات المنتدى السعودي للإعلام منذ انطلاق نسخته الأولى في عام 2019م، علامة فارقة ومنصة ملهمة لتتبع التحولات الجذرية التي قادتها رؤية المملكة 2030 في القطاع الإعلامي. وقد أصبح المنتدى اليوم أحد أبرز المؤشرات العملية على بناء بيئة إعلامية متطورة تتسق مع التغيرات الاقتصادية والتنموية المتسارعة التي شهدتها المملكة خلال العقد الأخير، متجاوزاً كونه مجرد حدث سنوي ليصبح محركاً للتطوير.
سياق التحول: من التقليدية إلى الريادة الرقمية
انطلقت فعاليات المنتدى في توقيت حيوي، حيث كانت المملكة تدخل مرحلة تحول شامل في بنيتها الاقتصادية والثقافية والمعرفية عقب إطلاق رؤية 2030 في أبريل 2016. قبل هذه المرحلة، كان المشهد الإعلامي بحاجة ماسة إلى مواكبة الثورة الرقمية العالمية وتوطين الصناعة الإعلامية. وجاء المنتدى ليعمل كجسر يربط بين الخبرات العالمية والتجارب الوطنية، مانحاً القطاع دوراً جوهرياً في صياغة اتجاهات النقاش وتحديد الأولويات، بما يخدم القوة الناعمة للمملكة ويعكس صورتها الحقيقية للعالم.
مخرجات تشريعية وتنظيمية
قدمت الدورات السابقة للمنتدى مجموعة واسعة من المخرجات التي أسهمت بصورة مباشرة في تشكيل البيئة التشريعية والتنظيمية للإعلام. لم تقتصر النقاشات على الجانب النظري، بل امتدت لتشمل:
- مناقشة سياسات تنظيم المحتوى الرقمي وضوابط النشر.
- تطوير استراتيجيات البث والاتصال الحكومي والمؤسسي.
- تعزيز الشفافية المهنية وتحديد معايير حديثة للإنتاج الإعلامي.
- طرح توصيات تتعلق بإدارة غرف الأخبار متعددة المنصات (Cross-platform).
كما ركزت الدورات على إعادة تصميم النماذج الاقتصادية للمنصات الإعلامية، بما يتوافق مع النمو الكبير في حجم المحتوى وسلوك الجمهور المتغير، مما ساعد المؤسسات على الاستدامة المالية في ظل تحديات السوق.
الأثر الإقليمي والدولي: الرياض عاصمة للإعلام
لم ينحصر تأثير المنتدى في النطاق المحلي، بل لعب دوراً محورياً في تعزيز مكانة الرياض كمركز إقليمي لصناعة الإعلام، خاصة مع توجه العديد من الشركات العالمية لافتتاح مقراتها الإقليمية في العاصمة السعودية. ساعدت الجلسات المتخصصة ومشاركة الرموز الإعلامية العالمية في خلق وعي مهني جديد، ودفع المؤسسات الإعلامية في المملكة إلى تحديث سياساتها التحريرية وأدوات التحليل والتخطيط، مما رفع من تنافسية المؤسسات الوطنية وعزز الشراكات الدولية لنقل الخبرات وتوطين التقنية.
مستقبل الصناعة والابتكار
مثّل المنتدى في نسخِه المختلفة ذراعاً فاعلة لرؤية 2030 في تعزيز الإبداع وإبراز المواهب الوطنية، حيث شكّل منصة لتقديم مبادرات نوعية في مجالات الابتكار الصحفي، والتجارب الرقمية، واستخدامات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى. ومع مرور نحو عشر سنوات من الإلهام المنبثق من الرؤية، أصبح المنتدى السعودي للإعلام الوثيقة الحية التي ترصد هذا التطور، وواحدة من أبرز المنصات التي تساعد في صياغة مستقبل الصناعة، ورسم المسار الذي تتقدم من خلاله المملكة نحو موقع ريادي في الخارطة الإعلامية العالمية.
