مع اكتمال أضلاع المربع الذهبي لبطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً منصة “X”، بنقاشات حادة وتكهنات تجاوزت حدود التشجيع الرياضي. انطلقت موجة من التغريدات التي بدت وكأنها حقيقة مسلم بها، تتوقع مواجهة سهلة لنادي الهلال أمام الخلود، الفريق القادم من دوري الدرجة الأولى، مما غذى السردية القديمة حول “حظ” الهلال أو وجود من “يضبط” له القرعة لصالحه. هذه الادعاءات، التي قد تُقبل على مضض كجزء من “المماحكات” الجماهيرية، تكتسب بعداً مقلقاً حين تصدر عن إعلاميين لهم ثقلهم، حيث يعتبرهم متابعوهم مصدراً للمعلومات الموثوقة وكاشفين لما يدور خلف الكواليس.
خلفية تاريخية وأهمية كأس الملك
تعتبر بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، المعروفة أيضاً بكأس الملك، أغلى الكؤوس في المملكة العربية السعودية وأقدمها، حيث انطلقت نسختها الأولى عام 1957. تمثل البطولة قيمة تاريخية ورمزية كبيرة للأندية السعودية، والفوز بها لا يقل أهمية عن الفوز بلقب الدوري. على مر تاريخها، شهدت البطولة منافسات ملحمية ونهائيات لا تُنسى، رسخت مكانتها كجوهرة التاج في كرة القدم السعودية. المشاركة في نصف النهائي بحد ذاتها تعد إنجازاً، خاصة مع تواجد أقطاب الكرة السعودية كالهلال والاتحاد والأهلي، مما يرفع من قيمة المنافسة ويجعل كل مباراة بمثابة نهائي مبكر.
نتائج ربع النهائي.. تأهل منطقي ومفاجأة وحيدة
جاء تأهل الفرق الأربعة إلى نصف النهائي بعد مباريات حافلة بالإثارة. استفادت معظم الفرق الكبرى من عاملي الأرض والجمهور، حيث احتاج الأهلي لركلات الترجيح لتجاوز عقبة القادسية في مباراة سيطر فيها الأخير على الشوط الأول. وفي مواجهة دراماتيكية، نجح الخلود في تحقيق المفاجأة بإقصاء الخليج بعد مباراة غزيرة بالأهداف. في اليوم التالي، لم يجد الهلال والاتحاد صعوبة كبيرة في حسم تأهلهما؛ حيث سحق الهلال ضيفه الفتح برباعية، بينما تغلب الاتحاد على الشباب في مباراة قوية حُسمت في دقائقها الأخيرة، ليؤكد العملاقان حضورهما القوي في البطولة.
القرعة الفعلية.. كلاسيكو مرتقب وتحدٍ للعميد
عندما جرت مراسم القرعة الرسمية، تبددت كل التكهنات السابقة. أسفرت النتائج عن مواجهتين من العيار الثقيل: الأولى جمعت الاتحاد بالخلود، والثانية وضعت الهلال في مواجهة كلاسيكو نارية ضد غريمه التقليدي الأهلي في جدة. بشكل لافت، اختفت تغريدات “ضبطناكم” التي كانت موجهة للهلال، وتحول النقاش 180 درجة. فجأة، تحولت السردية إلى التبشير بخروج الهلال المحتمل نظراً لصعوبة المواجهة أمام الأهلي، بالإضافة إلى جدول مبارياته المزدحم الذي يسبق اللقاء. في المقابل، أصبح الاتحاد، الذي سيواجه الخلود، هو من حصل على المسار الأسهل نظرياً نحو النهائي.
التأثير المتوقع وأهمية المواجهات
تُلقي هذه القرعة بظلالها على موسم الأندية الأربعة. بالنسبة للهلال والأهلي، فإن الكلاسيكو يمثل أكثر من مجرد مباراة في الكأس؛ إنه صراع على الهيبة والزعامة، ونتيجة المباراة قد تؤثر معنوياً على مسيرة الفريقين في بقية الموسم. أما بالنسبة للاتحاد، فالمباراة ضد الخلود تمثل فرصة ذهبية للوصول إلى النهائي، ولكنها في الوقت ذاته فخ خطير، حيث إن أي تعثر أمام فريق من الدرجة الأولى سيعتبر كارثة. ومن جهة الخلود، فإن الوصول لهذا الدور هو إنجاز تاريخي، والمباراة القادمة هي فرصة لكتابة فصل جديد في قصة الحصان الأسود للبطولة. في النهاية، أثبتت القرعة مجدداً أن عالم كرة القدم، خاصة في بطولات خروج المغلوب، لا يعترف إلا بلغة الملعب، تاركاً التكهنات مجرد ضجيج يسبق العاصفة.