تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، تستعد مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض لتدشين حدث ثقافي بارز، وهو معرض “الحرف اليدوية السعودية: موروث الإبداع الثقافي”، الذي ينطلق في الأول من ديسمبر 2025م. يأتي هذا المعرض تزامناً مع إعلان عام 2025 عاماً للحرف اليدوية، ليجسد خطوة هامة ضمن الجهود الوطنية الرامية إلى صون الهوية الثقافية وإعادة إحياء التراث السعودي العريق.
خلفية تاريخية وأهمية الحرف اليدوية في السعودية
تعتبر الحرف اليدوية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ شبه الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. فقد نشأت هذه الحرف من صميم الحاجة اليومية للسكان، حيث كانت الأدوات والأواني والمنسوجات تُصنع يدوياً بمهارة فائقة، مستخدمين الموارد الطبيعية المتاحة في بيئاتهم المتنوعة. ففي الصحراء، برعت النساء في حياكة “السدو” بألوانه الزاهية التي تعكس حياة البادية، وفي الواحات ازدهرت صناعة “الخوص” من سعف النخيل، بينما اشتهرت المناطق الزراعية بصناعة الفخار، والمناطق الساحلية بالحرف المرتبطة بالبحر. هذه الحرف لم تكن مجرد أدوات، بل كانت سجلاً حياً لثقافة المجتمع وقيمه وجمالياته.
المعرض في سياق رؤية السعودية 2030
يندرج تنظيم هذا المعرض ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تولي اهتماماً كبيراً لقطاع الثقافة والتراث كأحد ركائز بناء الهوية الوطنية وتنويع الاقتصاد. فمن خلال دعم الحرفيين وتشجيع الصناعات التقليدية، تسعى المملكة إلى تحويل هذا الموروث إلى قطاع اقتصادي حيوي ومستدام، يخلق فرص عمل ويجذب السياحة الثقافية. ويعد المعرض منصة مثالية لتعريف الأجيال الجديدة بهذا الإرث الغني، وربطهم بجذورهم، وإلهامهم للمشاركة في الحفاظ عليه وتطويره بأساليب عصرية.
تفاصيل المعرض وفعالياته
يقام المعرض في قاعة الخدمات والاطلاع بفرع المكتبة على طريق خريص، ويستمر حتى 28 فبراير 2026م، مقدماً لزواره رحلة معرفية وبصرية غنية. سيتم عرض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية الأصيلة مثل السدو، وصناعة الخوص، والفخار، والمشغولات الجلدية، مع تسليط الضوء على دقة الصناعة والمهارة التي يتمتع بها الحرفيون. ولإثراء التجربة، يتضمن المعرض جناحاً خاصاً يعرض صوراً نادرة من “موسوعة المملكة العربية السعودية” التي أصدرتها المكتبة، لتوثيق هذا التراث. كما سيتم تخصيص ركن تفاعلي للأطفال لتعلم أساسيات بعض الحرف، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل متخصصة وأنشطة سردية وتعليمية تناقش الأبعاد التاريخية والاجتماعية لهذه الفنون.
الأثر المتوقع للمعرض محلياً ودولياً
على الصعيد المحلي، يهدف المعرض إلى تعزيز الفخر بالهوية الوطنية ودعم الحرفيين اقتصادياً من خلال توفير نافذة لعرض منتجاتهم. أما على الصعيد الدولي، فيسهم الحدث في تقديم صورة مشرقة عن الثقافة السعودية الغنية والمتنوعة، ويعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية ثقافية جاذبة. إن إبراز حرفة مثل “السدو”، المسجلة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، يعكس القيمة العالمية لهذا الموروث. وتدعو المكتبة جميع المهتمين والباحثين والعائلات للمشاركة في هذا الحدث الثقافي الهام، لدعم الحرفيين السعوديين والاحتفاء بكنوز التراث الوطني.