سجل الاقتصاد السعودي أداءً قوياً خلال الربع الثالث من عام 2025م، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً لافتاً بنسبة 4.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وذلك وفقاً للتقديرات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء. وتأتي هذه الأرقام لتؤكد متانة السياسات المالية والاقتصادية التي تنتهجها المملكة، وقدرتها على التكيف مع المتغيرات العالمية، مع استمرار الزخم في مختلف القطاعات الإنتاجية.
تفاصيل الأداء الاقتصادي والنمو الربعي
أظهرت البيانات الإحصائية أن الاقتصاد السعودي لم يكتفِ بالنمو السنوي فحسب، بل حقق أيضاً نمواً ربعياً (معدلاً موسمياً) بنسبة 1.4% مقارنة بالربع الثاني من عام 2025م. ويشير هذا النمو المتصاعد إلى استمرارية الحراك الاقتصادي الإيجابي على مدار العام. وقد لعبت الأنشطة النفطية دوراً محورياً في هذا الارتفاع، حيث سجلت نمواً سنوياً بلغ 8.3%، مما يعكس كفاءة إدارة الموارد الطبيعية واستقرار أسواق الطاقة، بالإضافة إلى نمو أنشطة تكرير الزيت بنسبة قياسية بلغت 11.9%، وهي الأعلى خلال هذا الربع.
الأنشطة غير النفطية: ثمرة رؤية 2030
في سياق متصل، واصلت الأنشطة غير النفطية مسارها التصاعدي، محققة نمواً بنسبة 4.3%. ويُعد هذا الرقم مؤشراً حيوياً على نجاح برامج “رؤية المملكة 2030” الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد الكلي على النفط. وقد ساهمت هذه الأنشطة بمقدار 2.4 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، مما يبرز الدور المتعاظم للقطاع الخاص والقطاعات الخدمية والصناعية الجديدة في تشكيل المشهد الاقتصادي للمملكة. كما سجلت الأنشطة الحكومية نمواً بنسبة 1.4%، مما يعكس استمرار الإنفاق الحكومي الموجه لدعم البنية التحتية والمشاريع التنموية.
انتعاش التجارة الخارجية والإنفاق الاستهلاكي
على صعيد التجارة الخارجية، شهدت الصادرات السعودية قفزة كبيرة بنسبة 18.4% على أساس سنوي، و7.5% على أساس ربعي، مما يعزز الميزان التجاري للمملكة ويؤكد تنافسية المنتجات السعودية في الأسواق العالمية. وفي المقابل، نمت الواردات بنسبة 4.3% سنوياً، وهو ما يعكس حيوية الطلب المحلي وحركة المشاريع القائمة. أما بالنسبة للإنفاق الاستهلاكي النهائي الخاص، فقد نما بنسبة 2.6% سنوياً، مما يدل على ارتفاع القوة الشرائية وثقة المستهلكين في الاقتصاد الوطني.
الأهمية الاستراتيجية والتوقعات المستقبلية
يحمل هذا النمو دلالات اقتصادية هامة تتجاوز مجرد الأرقام؛ فهو يعزز من مكانة المملكة العربية السعودية كواحدة من أسرع الاقتصادات نمواً ضمن مجموعة العشرين (G20). كما أن التوازن في النمو بين القطاعين النفطي وغير النفطي يرسل رسائل طمأنة للمستثمرين المحليين والدوليين حول استقرار البيئة الاستثمارية في المملكة. ومن المتوقع أن تساهم هذه النتائج الإيجابية في تحسين التصنيفات الائتمانية للمملكة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يدعم خلق المزيد من الفرص الوظيفية ويدفع عجلة التنمية المستدامة قدماً.