أعلنت وزارة المالية السعودية عن تقديراتها الأولية التي تشير إلى توقعات إيجابية لمسار الاقتصاد الوطني، حيث من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 4.6% بحلول عام 2026. وأكدت الوزارة في بيانها أن هذا النمو المستهدف يعتمد بشكل أساسي على قوة وزخم الأنشطة غير النفطية، التي أصبحت المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية في المملكة، مما يعكس نجاح الاستراتيجيات الوطنية في تنويع مصادر الدخل.
خلفية تاريخية: رؤية 2030 كخارطة طريق للتحول
تأتي هذه التوقعات المتفائلة في سياق التحول الاقتصادي الشامل الذي تشهده المملكة العربية السعودية منذ إطلاق “رؤية 2030” في عام 2016. هدفت هذه الرؤية الطموحة إلى تقليل الاعتماد التاريخي على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، والذي جعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية. ومن خلال التركيز على تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، والترفيه، والتكنولوجيا، والخدمات اللوجستية، والصناعات المتقدمة، عملت المملكة على بناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة. وتُعد المشاريع الكبرى مثل نيوم، ومشروع البحر الأحمر، والقدية، ركائز أساسية في هذه الاستراتيجية، حيث تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين.
تحليل الأداء المالي وتوقعات الإيرادات
وفيما يتعلق بالأداء المالي، أوضح البيان المالي لميزانية 2026 أن التوقعات لإجمالي الإيرادات العامة في عام 2025 قد تصل إلى حوالي 1.091 تريليون ريال. ورغم أن هذا الرقم يمثل انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالميزانية المقدرة، عزت الوزارة ذلك بشكل رئيسي إلى التغيرات في أسعار النفط عالميًا. ومع ذلك، يكمن الجانب المشرق في الأداء القوي المتوقع للإيرادات غير النفطية، والتي من المتوقع أن تتجاوز التقديرات الأولية. ويُعد هذا النمو في الإيرادات غير النفطية مؤشرًا واضحًا على أن جهود الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمبادرات الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها، مما يعزز الاستقرار المالي للمملكة على المدى الطويل.
الأهمية والتأثير المتوقع للنمو الاقتصادي
إن تحقيق معدل نمو يبلغ 4.6% له أبعاد استراتيجية هامة على مختلف الأصعدة. محليًا، يساهم هذا النمو في خلق المزيد من الوظائف للمواطنين، ورفع مستوى المعيشة، وتعزيز جودة الخدمات العامة. كما أنه يعزز ثقة القطاع الخاص ويشجعه على زيادة استثماراته، مما يخلق دورة اقتصادية إيجابية. إقليميًا، يرسخ هذا الأداء مكانة المملكة كقوة اقتصادية رائدة في الشرق الأوسط، ويجعلها وجهة أكثر جاذبية للاستثمارات الإقليمية والدولية، ونموذجًا يحتذى به في مجال التنويع الاقتصادي. دوليًا، يعزز النمو المستدام من مكانة السعودية في المحافل الاقتصادية العالمية، مثل مجموعة العشرين (G20)، ويؤكد على دورها كشريك اقتصادي موثوق ومستقر، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.