في جلسة تاريخية عقدت في مدينة الدمام، أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026م (1447 / 1448هـ). وشهدت الميزانية الجديدة تخصيص مبالغ ضخمة لقطاعات حيوية، حيث برز قطاع التعليم كأحد أكبر المستفيدين بمخصصات بلغت 202 مليار ريال، مما يؤكد على استمرار نهج المملكة في الاستثمار برأس المال البشري كحجر زاوية لتحقيق أهدافها التنموية الطموحة.
السياق العام: التعليم في قلب رؤية 2030
يأتي هذا التخصيص السخي لقطاع التعليم ضمن إطار أوسع وأشمل هو “رؤية السعودية 2030″، التي أطلقها سمو ولي العهد في عام 2016 بهدف تحويل اقتصاد المملكة وتقليل اعتماده على النفط. تعتبر الرؤية أن تطوير التعليم وتزويد الشباب بالمهارات اللازمة لسوق العمل المستقبلي هو المحرك الأساسي لهذا التحول. على مدى السنوات الماضية، شهدت ميزانيات المملكة تركيزاً متزايداً على التعليم، ليس فقط من حيث حجم الإنفاق، بل أيضاً في توجيه الاستثمارات نحو تحديث المناهج، وتطوير البنية التحتية الرقمية للمدارس والجامعات، وتعزيز برامج الابتعاث، ودعم البحث العلمي والابتكار.
أهمية الميزانية وتأثيرها المتوقع
إن ضخ 202 مليار ريال في قطاع التعليم يحمل في طياته تأثيرات عميقة على مختلف الأصعدة. فعلى الصعيد المحلي، من المتوقع أن تساهم هذه الميزانية في تسريع وتيرة تطوير المنظومة التعليمية، من خلال بناء مدارس نموذجية جديدة، وتأهيل المعلمين وفق أحدث المعايير العالمية، وتوسيع نطاق التعليم التقني والمهني لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية والخدمية الجديدة. كما ستدعم هذه الأموال الجامعات السعودية لتعزيز مكانتها في التصنيفات العالمية، وتشجيعها على أن تصبح منارات للمعرفة والبحث العلمي.
أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذا الاستثمار يعزز من مكانة المملكة كقوة إقليمية رائدة ليس فقط في الاقتصاد، بل أيضاً في مجال المعرفة والابتكار. فبناء جيل متعلم ومؤهل تأهيلاً عالياً سيجعل من السعودية مركزاً جاذباً للاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية التي تبحث عن كوادر بشرية متميزة. كما يرسل رسالة واضحة بأن المملكة ماضية بجدية في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، قادر على المنافسة عالمياً.
نظرة على توزيع النفقات الأخرى
وإلى جانب التعليم، عكست ميزانية 2026 اهتماماً متوازناً ببقية القطاعات الحيوية لضمان التنمية الشاملة. فقد حظي قطاع “الصحة والتنمية الاجتماعية” بالنصيب الأكبر من المخصصات بواقع 259 مليار ريال، مما يعكس الأولوية القصوى التي توليها الدولة لصحة ورفاهية المواطنين. كما تم تخصيص 240 مليار ريال للقطاع العسكري لضمان أمن واستقرار الوطن، و120 مليار ريال لقطاع “الأمن والمناطق الإدارية”، بالإضافة إلى مخصصات هامة لقطاعات الموارد الاقتصادية، والتجهيزات الأساسية والنقل، والخدمات البلدية، مما يرسم صورة متكاملة لمستقبل مزدهر ومستدام للمملكة العربية السعودية.
