إنجاز وطني في الصحة العامة
كشف تقرير التغطية التحصينية لعام 2024م في المملكة العربية السعودية عن تحقيق إنجاز لافت في مجال الصحة العامة، حيث نجحت المملكة في الحفاظ على سجلها خاليًا من أي إصابات بمرض شلل الأطفال للعام الخامس على التوالي. ويأتي هذا النجاح مدعومًا بمستويات تغطية تحصينية مرتفعة ومستقرة بين الأطفال الرضّع، والتي تراوحت بين 96.4% و97.0%، مما يعكس قوة وفعالية برنامج التحصين الوطني والتزام القطاع الصحي بحماية صحة الأجيال القادمة.
سياق تاريخي وجهود عالمية
يُعد القضاء على شلل الأطفال هدفًا عالميًا تسعى إليه منظمة الصحة العالمية والعديد من الشركاء الدوليين منذ عقود. والمملكة العربية السعودية، كجزء من المجتمع الدولي، لعبت دورًا محوريًا في هذه الجهود من خلال تبنيها لبرنامج تحصين وطني شامل منذ سنوات طويلة. هذا البرنامج لا يقتصر فقط على توفير اللقاحات الأساسية، بل يشمل أيضًا حملات توعوية دورية وحملات ميدانية لضمان الوصول إلى جميع الأطفال في مختلف مناطق المملكة، وهو ما ساهم بشكل مباشر في الوصول إلى هذا المستوى المتقدم من الوقاية والحماية.
مؤشرات تدعو لليقظة: ارتفاع في أمراض أخرى
على الرغم من النجاح الباهر في مكافحة شلل الأطفال، أظهر التقرير نفسه بعض التحديات التي تتطلب الانتباه. فقد لوحظ ارتفاع في معدلات الإصابة ببعض الأمراض الأخرى التي تستهدفها التحصينات خلال الأعوام الخمسة الماضية. وسجل مرض السعال الديكي ارتفاعًا ملحوظًا من 0.301 حالة لكل 100 ألف نسمة في عام 2020م إلى 3.088 حالة في 2024م. كما شهدت الحصبة زيادة كبيرة من 0.108 إلى 3.569 حالة، وارتفع معدل التهاب الكبد «ب» من 13.272 إلى 23.581 حالة لكل 100 ألف نسمة خلال الفترة ذاتها. وشملت الارتفاعات الطفيفة أيضًا أمراضًا مثل الدفتيريا، والكزاز الوليدي، والنكاف، والحصبة الألمانية.
الأهمية والتأثير المحلي والدولي
إن الحفاظ على خلو المملكة من شلل الأطفال له أبعاد تتجاوز الصحة المحلية. فبصفتها وجهة لملايين المسلمين سنويًا لأداء مناسك الحج والعمرة، تلعب السعودية دورًا حيويًا في منظومة الأمن الصحي العالمي. ويضمن نجاحها في السيطرة على الأمراض المعدية حماية ضيوف الرحمن والمساهمة في منع انتشار الأوبئة عبر الحدود. أما على الصعيد المحلي، فإن هذه النتائج تؤكد على أهمية استمرار الالتزام بجدول التطعيمات المعتمد وعدم التهاون به، بينما يسلط ارتفاع معدلات الأمراض الأخرى الضوء على ضرورة تكثيف حملات التوعية بأهمية الجرعات التنشيطية واستكمال كافة اللقاحات لضمان مناعة مجتمعية شاملة ومستدامة.