في خطوة تعكس دورها المتنامي على الساحة الدولية، استعرضت المملكة العربية السعودية رؤيتها الطموحة لمستقبل القطاع الصناعي، مؤكدةً التزامها الراسخ بدعم مستقبل صناعي عالمي مستدام ومبني على الابتكار. جاء ذلك خلال مشاركتها الفاعلة في جلسة خاصة لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) بعنوان “رؤية 2050″، والتي عُقدت ضمن فعاليات القمة العالمية للصناعة في العاصمة الرياض.
مثل المملكة في هذه الجلسة رفيعة المستوى، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة، المهندس خليل بن إبراهيم بن سلمة، حيث قدم لمحة شاملة عن رحلة التحول التي يشهدها القطاع الصناعي السعودي، والتي تعد ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
السياق العام: التحول الصناعي كجزء من رؤية 2030
يأتي هذا التحرك في إطار الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقتها المملكة كخارطة طريق لتنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط. تهدف الاستراتيجية إلى تحويل السعودية إلى قوة صناعية رائدة ومركز لوجستي عالمي، من خلال التركيز على 12 قطاعًا صناعيًا واعدًا، وجذب استثمارات نوعية تتجاوز تريليون ريال سعودي. وتستند هذه الرؤية على تمكين القطاع الخاص، وتطوير البنية التحتية، والاستثمار في رأس المال البشري، وتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتعزيز الكفاءة والقدرة التنافسية.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
خلال الجلسة التي حملت عنوان “الاستعداد لمستقبل التصنيع”، شدد المهندس ابن سلمة على أن العالم يقف عند منعطف حاسم يتطلب قرارات جريئة، خاصة لتمكين الدول النامية من تحقيق قفزات تنموية. وأوضح أن “تنافسية المستقبل يجب أن تنبع من الابتكار والتقنيات المتقدمة، ومن القدرة على تبني مسارات صناعية خضراء تحمي الازدهار والكوكب معًا”. وأشار إلى أن المملكة تستثمر بكثافة في منظومات البحث والتطوير، وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية، لضمان نمو صناعي مستدام لا يترك أحدًا خلف الركب.
على الصعيد المحلي، يعزز هذا التوجه خلق وظائف عالية الجودة للشباب السعودي، ويدعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويرسخ مكانة المملكة كبيئة جاذبة للاستثمارات العالمية. أما إقليميًا، فإن نجاح النموذج السعودي في التحول الصناعي سيلهم دول المنطقة لتبني سياسات مماثلة، مما يعزز التكامل الاقتصادي ويخلق سلاسل قيمة إقليمية أكثر مرونة. ودوليًا، تبرز المملكة كشريك موثوق في ضمان استقرار سلاسل الإمداد العالمية، ومساهم فاعل في الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي من خلال مبادرات مثل “السعودية الخضراء” والتركيز على الصناعات منخفضة الكربون.
رؤية عالمية لمستقبل الصناعة
شهدت الجلسة إطلاق تقرير التنمية الصناعية 2026 من قبل منظمة UNIDO، والذي دعا إلى تبني استراتيجيات صناعية شاملة تدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وتعكس استضافة المملكة لهذه القمة العالمية، وما صاحبها من نقاشات معمقة، ثقة المجتمع الدولي في رؤيتها، وتنامي دورها في صياغة مستقبل السياسات الصناعية على مستوى العالم، بما يضمن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للجميع.