في خطوة تعكس حرص المملكة العربية السعودية على ضبط الفضاء الرقمي وحماية استقرارها الوطني، أكد حسن السلمي، نائب الرئيس التنفيذي في الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، أن التحريض والتأجيج الممنهج ضد مؤسسات الدولة وسياساتها لا يندرج تحت مظلة حرية التعبير، بل يُعد جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون. يأتي هذا التصريح في وقت يشهد فيه العالم الرقمي تحديات متزايدة تتعلق بنشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية.
سياق رقمي متطور ورؤية 2030
تأتي هذه التأكيدات في سياق التحول الرقمي الهائل الذي تشهده المملكة كجزء أساسي من رؤية 2030. فمع تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، برزت الحاجة إلى إطار تنظيمي وقانوني يوازن بين تشجيع المحتوى الإبداعي الهادف وحماية النسيج الاجتماعي من المحاولات التي تستهدف زعزعة الأمن العام. وتلعب الهيئة العامة لتنظيم الإعلام دوراً محورياً في هذه المعادلة، حيث تعمل على تمكين القطاع الإعلامي وتشجيع الاستثمار فيه، وفي الوقت نفسه، تمارس دورها الرقابي لضمان جودة المحتوى وحماية المجتمع من التأثيرات السلبية.
تفاصيل المخالفات والإجراءات القانونية
أوضح السلمي في تصريح لقناة “العربية” أن الهيئة رصدت مؤخراً منشورات ممنهجة بثها بعض الأشخاص، شكلت تهديداً لأمن المجتمع وحرضت الرأي العام ضد مؤسسات الدولة. وأكد أن هذه الأفعال تمثل انتهاكاً صريحاً للأنظمة، قائلاً: “البيان الذي صدر ينطلق من الدور الرقابي للهيئة التي استشعرت خطورة ما ارتكبه عدد من الأشخاص من مخالفات جسيمة”.
وبناءً على ذلك، قامت الهيئة بحصر الحسابات المخالفة وإحالتها إلى النيابة العامة، استناداً إلى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. وشدد السلمي على أن هذه الممارسات تقع ضمن الأفعال المجرمة التي تمس بالنظام العام.
المادة السادسة: رادع قانوني حاسم
استند السلمي في تحذيره إلى نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، والتي تنص بوضوح على عقوبات صارمة للمخالفين. وجاء في نص المادة: “يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب جريمة إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
#نشرة_الرابعة | نائب الرئيس التنفيذي بالهيئة العامة لتنظيم الإعلام حسن السلمي: لاحظنا خطورة ما قام به بعض الأشخاص من خلال بث منشورات ممنهجة شكلت تهديدا لأمن المجتمع وممارسة التحريض والتأجيج ضد مؤسسات وسياسات الدولة وهو ما ينافي حرية التعبير كما يعد مخالفا للأنظمة pic.twitter.com/G2KFVzdJhF
— العربية السعودية (@AlArabiya_KSA) November 27, 2025
النقد البنّاء مقابل التحريض: خط فاصل وواضح
فرق السلمي بشكل قاطع بين النقد البنّاء الذي ترحب به أجهزة الدولة وتعتبره جزءاً من “الحرية المنضبطة”، وبين ممارسات التأجيج والتحريض التي تهدف إلى إشاعة الفوضى والإحباط. وتساءل: “هل محاولة التسلق والتكسب على حساب قضايا المجتمع وهمومه بخطاب تعبوي زائف، يستهدفون من خلاله زيادة أعداد المتابعين والمشاهدات، هل هذا يُسمى نقدًا بناء؟”.
وأكد أن الدولة لن تتسامح مطلقاً مع من يستخدم حرية التعبير كذريعة لخلق فوضى إعلامية، مشيراً إلى أن الكثيرين ينجرون وراء حسابات مجهولة المصدر تدفعهم لارتكاب مخالفات قانونية دون وعي منهم بخطورتها.
الأهمية والتأثير المتوقع
تكتسب هذه الإجراءات أهمية بالغة على الصعيدين المحلي والإقليمي. فعلى المستوى المحلي، تهدف إلى تعزيز الوعي القانوني لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وتأكيد المسؤولية الفردية في الحفاظ على الأمن والاستقرار. أما إقليمياً، فتمثل هذه الخطوة رسالة واضحة حول جدية المملكة في التعامل مع التهديدات السيبرانية والأمنية التي تستغل الفضاء الرقمي، في منطقة تشهد تحديات سياسية وأمنية متصاعدة.
وفي الختام، جددت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام دعوتها للجميع إلى استشعار المسؤولية الذاتية والاطلاع على الأنظمة الإعلامية، لضمان عدم الوقوع في مخالفات قد تعرض أصحابها للمساءلة القانونية.