ثقة متجددة وريادة مستحقة في الرقابة المالية
في خطوة تعكس الثقة الإقليمية المتزايدة بدورها الريادي، أعلنت الجمعية العامة للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأرابوساي) عن بدء الدورة الرئاسية الثانية للمملكة العربية السعودية، ممثلةً بالديوان العام للمحاسبة، والتي ستمتد من عام 2025م حتى 2028م. وجاء هذا الإعلان خلال أعمال الدورة الخامسة عشرة للجمعية التي انطلقت في محافظة جدة، لتصبح المملكة بذلك أول دولة تترأس المنظمة لفترتين متتاليتين منذ تأسيسها.
ويُعد هذا التجديد شهادة على النجاح الكبير الذي حققه الديوان العام للمحاسبة خلال فترة رئاسته الأولى (2022-2025م)، حيث بذل جهوداً مثمرة لتعزيز العمل العربي المشترك وتبادل الخبرات بين الأجهزة الأعضاء، مما أكسبه ثقة جميع الأعضاء لتجديد قيادته للمنظمة لفترة جديدة. وبهذه المناسبة، أكد معالي رئيس الديوان العام للمحاسبة، الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري، أن هذا الإنجاز هو نتاج للدعم اللامحدود الذي يحظى به الديوان من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله، وهو ما يجسد مكانة المملكة الرائدة على الساحتين الإقليمية والدولية.
السياق التاريخي ودور منظمة الأرابوساي
تأسست المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأرابوساي) في عام 1976، وهي منظمة مهنية مستقلة تعمل في إطار جامعة الدول العربية. تهدف المنظمة بشكل أساسي إلى توثيق أواصر التعاون بين الأجهزة الرقابية في الدول العربية، وتطوير أسس وممارسات الرقابة المالية والمحاسبة في القطاع العام. كما تسعى إلى رفع كفاءة العاملين في هذه الأجهزة من خلال التدريب وتبادل المعرفة، وتشجيع الأبحاث والدراسات المتخصصة في هذا المجال الحيوي، بما يساهم في نشر الوعي الرقابي وتعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة.
أهمية رئاسة المملكة وتأثيرها المتوقع
تكتسب رئاسة المملكة للمنظمة أهمية استراتيجية على عدة مستويات. فعلى الصعيد المحلي، يتماشى هذا الدور مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تضع الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد على رأس أولوياتها، مما يعزز من مكانة الديوان العام للمحاسبة كنموذج رائد في تطبيق أفضل الممارسات. أما على المستوى الإقليمي، فمن المتوقع أن تواصل المملكة دفع عجلة التطوير داخل المنظمة، والعمل على توحيد المعايير الرقابية، وتشجيع التحول الرقمي في أعمال الأجهزة الأعضاء لمواكبة التطورات العالمية.
دوليًا، تُضاف رئاسة “الأرابوساي” إلى سلسلة من المناصب القيادية التي يشغلها الديوان العام للمحاسبة، حيث يتولى منصب النائب الثاني لرئيس المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية (الإنتوساي)، ومن المقرر أن يترأس المنظمة الآسيوية (الآسوساي) في عام 2027م، ومنظمة “الإنتوساي” في عام 2031م. هذا الحضور الدولي الفاعل لا يعزز فقط من مكانة المملكة، بل يمنح الدول العربية صوتًا أقوى في المحافل الدولية المعنية بوضع معايير الرقابة المالية العالمية، ويسهم في نقل الخبرات الدولية إلى المنطقة العربية.