تطوير شامل يجمع بين التكنولوجيا واحترام التقاليد
في خطوة تعكس التطور الحضري والتكنولوجي الذي تشهده المملكة، شرعت جمعية «الفردوس لإكرام الموتى» بمحافظة القطيف، بالتعاون الاستراتيجي مع جمعية الصفا الخيرية، في تنفيذ مشروع تطويري شامل لمقبرة صفوى. يهدف المشروع إلى رفع كفاءة التشغيل وتعزيز الأمن وحفظ حرمة المكان، مع تسهيل حركة المشيعين والزوار، وذلك من خلال دمج أحدث التقنيات في البنية التحتية للمقبرة.
السياق العام وأهمية إكرام الموتى
تحظى المقابر بمكانة خاصة في الثقافة الإسلامية والمجتمع السعودي، حيث تعتبر رمزاً للتذكير بالآخرة ومكاناً للدعاء للموتى. وتاريخياً، كانت إدارة هذه المرافق تتم بجهود أهلية بسيطة. إلا أنه مع التوسع العمراني والزيادة السكانية، برزت الحاجة إلى تطوير أساليب الإدارة لتواكب المتطلبات الحديثة. يأتي هذا المشروع في صفوى كنموذج رائد يعكس وعي المجتمع بأهمية تنظيم هذه المرافق الحيوية وتوفير بيئة لائقة ومنظمة تليق بكرامة المتوفين وتوفر الراحة لذويهم.
شبكة مراقبة وتنظيم متكاملة لتعزيز الأمن
لضمان أمن وسلامة المقبرة على مدار الساعة، تم تركيب منظومة مراقبة رقمية متطورة تضم 12 كاميرا حديثة. وُزعت هذه الكاميرات بشكل هندسي مدروس لتغطي كافة الزوايا والمرافق الحيوية، مما يتيح متابعة لحظية ومستمرة على مدار 24 ساعة. تهدف هذه الشبكة إلى حماية الممتلكات، ورصد أي سلوكيات قد تخل بحرمة المكان، وتوفير شعور بالأمان للزوار والمشيعين. ولتعزيز الإجراءات التنظيمية، تم تفعيل حواجز إلكترونية ذكية عند البوابة الرئيسية، مدعومة بتركيب «بوابة سحب» جديدة. هذا الإجراء يستهدف القضاء على التكدس المروري الذي قد يحدث أثناء الجنائز الكبيرة، ويضمن انسيابية عالية في دخول وخروج مركبات الجنائز والزوار.
توسعة استراتيجية لمواكبة الاحتياجات المستقبلية
إدراكاً للنمو السكاني في مدينة صفوى، نفذت جمعية «الفردوس» مشروعاً حيوياً لتوسعة «مربعات ساحة الدفن». هذه التوسعة ترفع الطاقة الاستيعابية للمقبرة بشكل ملموس، مما يضمن توفر مساحات كافية للدفن لسنوات قادمة. لم يقتصر الأمر على مجرد زيادة المساحة، بل تم التخطيط والتنظيم بشكل منهجي يضمن سهولة الوصول إلى القبور وتنظيم عمليات الدفن، بما يتوافق مع المعايير الشرعية والتنظيمية.
تأثير المشروع وأبعاده المجتمعية
يمثل هذا المشروع أكثر من مجرد تحديث للبنية التحتية؛ فهو يجسد نموذجاً ناجحاً للتكامل بين مؤسسات القطاع غير الربحي والمجتمع المحلي. وأكد حافظ الفرج، رئيس جمعية الفردوس، أن الشراكة مع «جمعية الصفا» والدعم المالي السخي من أهالي صفوى كانا المحرك الأساسي لتحقيق هذا الإنجاز. يعكس هذا الدعم الوعي الحضاري العالي للمجتمع ورغبته في المساهمة بتطوير الخدمات التي تمس حياتهم بشكل مباشر. على المستوى الإقليمي، يمكن أن يكون هذا المشروع مثالاً يحتذى به للمدن الأخرى في المملكة، ويشجع على تبني التقنية في إدارة المرافق العامة بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الحياة وتفعيل دور القطاع غير الربحي في التنمية. وقد ثمن الفرج هذا الدعم، مؤكداً على استمرار العمل لتطوير كافة مرافق المقابر في المحافظة لخدمة الأهالي وفق أعلى المعايير.