في تطور لافت للأحداث الجيوسياسية العالمية، كشف المبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، عن تفاصيل دقيقة تتعلق بمفاوضات إنهاء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، مؤكداً أن التوصل إلى اتفاق سلام بات "قريباً جداً"، إلا أنه لا يزال معلقاً بانتظار حسم ملفين شائكين يمثلان حجر العثرة الأخير في طريق الدبلوماسية.
الأمتار العشرة الأصعب
وفي تصريحات صحفية حديثة، وصف كيلوج المرحلة الحالية من المفاوضات بأنها تشبه "الأمتار العشرة النهائية" في سباق طويل، مشيراً إلى أن هذه المرحلة هي الأصعب والأكثر تعقيداً. وأوضح أن الخلاف ينحصر حالياً في قضيتين جوهريتين تتعلقان بالسيادة والأمن القومي للطرفين، وهما: تحديد المستقبل السياسي والإداري لمنطقة دونباس، وحسم مصير محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
عقدة دونباس.. جذور الصراع
تتمثل العقبة الأولى في مستقبل منطقة دونباس، التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك. وتكتسب هذه المنطقة أهمية استراتيجية ورمزية بالغة، حيث تعود جذور الصراع فيها إلى عام 2014، قبل اندلاع الحرب الشاملة بسنوات. وتعتبر روسيا السيطرة على هذه المنطقة هدفاً محورياً لعملياتها العسكرية، بينما تتمسك أوكرانيا بسيادتها على كامل أراضيها. إن التوصل إلى صيغة توافقية حول إدارة هذه المنطقة أو وضعها المستقبلي يتطلب مرونة سياسية عالية من كلا الطرفين، وهو ما يجعلها واحدة من أعقد الملفات على طاولة المفاوضات.
زابوريجيا.. الأمن النووي لأوروبا
أما العقبة الثانية، فتتمثل في محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر من نوعها في قارة أوروبا. تقع المحطة حالياً تحت السيطرة الروسية، وقد أثار وضعها قلقاً دولياً واسعاً طوال فترة الحرب بسبب المخاوف من حدوث كارثة نووية نتيجة العمليات العسكرية القريبة منها. ولا يقتصر الخلاف هنا على الجانب العسكري فحسب، بل يمتد ليشمل أمن الطاقة في أوكرانيا وأوروبا، حيث كانت المحطة توفر جزءاً كبيراً من احتياجات أوكرانيا من الكهرباء. وتصر كييف على استعادة السيطرة لضمان أمنها الطاقي والنووي، بينما تعتبر موسكو وجودها هناك ورقة ضغط استراتيجية.
تأثيرات عالمية مرتقبة
إن نجاح المفاوضات في تجاوز هاتين العقبتين لن يعني فقط وقف إطلاق النار، بل سيحمل تأثيرات إيجابية واسعة النطاق على المستوى الدولي. من المتوقع أن يؤدي إنهاء الحرب إلى استقرار أسواق الطاقة العالمية التي تذبذبت بشدة خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى تأمين سلاسل الإمداد الغذائي، نظراً لمكانة البلدين في سوق الحبوب العالمي. كما أن الوصول إلى اتفاق سيخفف من حدة التوتر بين القوى العظمى ويجنب العالم سيناريوهات التصعيد المفتوح.
واختتم كيلوج تصريحاته بنبرة متفائلة مشوبة بالحذر، قائلاً: "إذا حللنا هاتين المسألتين، أعتقد أن بقية الأمور ستسير على ما يرام، وكدنا نصل إلى النهاية"، مما يضع المجتمع الدولي أمام لحظة ترقب حاسمة لمآلات هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة.
