في خطوة جديدة تعزز استمرارية الوجود البشري في المدار الأرضي المنخفض، أطلقت اللجنة الحكومية الروسية بنجاح، اليوم الخميس، الصاروخ الحامل “سويوز-2.1أ” من قاعدة بايكونور الفضائية التاريخية. ويحمل الصاروخ على متنه المركبة الفضائية المأهولة “سويوز إم إس-28″، التي تقل طاقماً دولياً مشتركاً يضم رواد فضاء من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، في رحلة علمية طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية.
تفاصيل الرحلة ومسار الالتحام
وفقاً للبيانات الصادرة عن مركز التحكم في المهمة، انطلق الصاروخ في تمام الساعة 12:28 بتوقيت موسكو، حاملاً الطاقم المكون من رائدي الفضاء الروسيين سيرجي كود-سفيرتشكوف وسيرجي ميكايف، بالإضافة إلى رائد الفضاء الأمريكي كريستوفر ويليامز. وقد تمت عملية انفصال المركبة الفضائية عن المرحلة الثالثة للصاروخ بنجاح بعد مرور 8 دقائق و49 ثانية من لحظة الإقلاع، لتبدأ المركبة رحلتها المستقلة وتوجيه مسارها نحو المختبر المداري.
ومن المخطط أن تتبع المركبة مساراً سريعاً للوصول إلى المحطة، حيث من المتوقع إتمام عملية الالتحام بالوحدة الروسية في محطة الفضاء الدولية في تمام الساعة 15:38 بتوقيت موسكو. وتأتي هذه الدقة في التوقيت نتيجة لعقود من تطوير خوارزميات الملاحة الفضائية التي تعتمدها وكالة الفضاء الروسية “روسكوزموس”.
بايكونور.. بوابة التاريخ إلى الفضاء
يكتسب هذا الإطلاق أهمية إضافية كونه ينطلق من مركز “بايكونور” الفضائي في كازاخستان، وهو الميناء الفضائي الأول والأكبر في العالم. يحمل هذا الموقع إرثاً تاريخياً عميقاً، حيث شهد انطلاق أول قمر صناعي في التاريخ “سبوتنيك-1″، وأول رحلة بشرية للفضاء التي قام بها يوري غاغارين. ويؤكد استمرار استخدام هذا الميناء الفضائي على البنية التحتية الراسخة التي تعتمد عليها برامج الفضاء الروسية والدولية لضمان الوصول الآمن والموثوق إلى المدار.
التعاون الدولي رغم التحديات
يبرز وجود رائد الفضاء الأمريكي كريستوفر ويليامز جنباً إلى جنب مع زملائه الروس كدليل حي على استمرار التعاون الفضائي بين “ناسا” و”روسكوزموس”. فعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية على الأرض، تظل محطة الفضاء الدولية واحة نادرة للتعاون السلمي والعلمي بين القوى العظمى. وتأتي هذه الرحلة ضمن اتفاقية “المقاعد المتبادلة” التي تضمن وجود رواد من كلا البلدين على متن المركبات الفضائية لضمان استمرار تشغيل القطاعات الروسية والأمريكية في المحطة بشكل دائم في حال حدوث أي طارئ لإحدى مركبات النقل.
أهداف المهمة العلمية والمدة الزمنية
من المقرر أن تستمر مهمة طاقم “سويوز إم إس-28” لمدة 242 يوماً، وهي فترة طويلة نسبياً ستسمح للطاقم بإجراء مجموعة واسعة من التجارب العلمية في بيئة الجاذبية الصغرى. تشمل هذه الأبحاث عادةً دراسات في مجالات البيولوجيا، والفيزياء، وعلوم المواد، بالإضافة إلى مراقبة الأرض واختبار تقنيات جديدة قد تكون حاسمة للبعثات المستقبلية إلى القمر والمريخ. كما سيقوم الطاقم بمهام الصيانة الدورية للمحطة لضمان كفاءة عمل أجهزتها الحيوية.
