تكامل صحي بالرياض ينقذ مريضاً من نزيف دماغي قاتل

في إطار التحولات النوعية التي يشهدها القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية، والتي تهدف إلى تعزيز كفاءة الخدمات الطبية وتكاملها، سطر تجمع الرياض الصحي الثالث قصة نجاح طبية ملهمة، عكست بوضوح ثمار هذا التحول. فقد تمكنت الفرق الطبية من إنقاذ حياة مريض يبلغ من العمر 67 عاماً، وعودته لممارسة حياته الطبيعية بعد تعرضه لنزيف دماغي حاد كاد أن يودي بحياته، وذلك بفضل التنسيق العالي بين مكونات التجمع.

رحلة علاجية متكاملة وتدخل جراحي دقيق

بدأت فصول هذه الملحمة الطبية في مستشفى الدرعية، حيث استقبل قسم الطوارئ الحالة وهي في وضع حرج للغاية. وشخص فريق جراحة المخ والأعصاب الحالة بنزيف دماغي حاد وشديد الخطورة، وهو ما يُعد طبياً من الحالات الطارئة التي تتطلب سرعة بديهة وتدويراً دقيقاً للموارد. استدعى الموقف تدخلاً جراحياً فورياً لإنقاذ حياة المريض، حيث أجرى الفريق عملية دقيقة تمثلت في إزالة جزء من عظمة الجمجمة (Decompressive Craniectomy) لتخفيف الضغط المتزايد داخل الدماغ وإيقاف النزيف، وهي خطوة حاسمة لمنع التلف الدائم لخلايا المخ.

دور الرعاية التلطيفية والتأهيل في استعادة الأمل

لم تنتهِ الرحلة عند غرفة العمليات، بل كانت بداية لمرحلة لا تقل أهمية. فبعد استقرار المؤشرات الحيوية، نُقل المريض إلى مستشفى حريملاء العام. وصل المريض وهو يعاني من تدنٍ شديد في مستويات الوعي، مما تطلب تفعيل دور الرعاية التلطيفية الشاملة. وهنا يبرز الدور الحيوي لهذا النوع من الرعاية الذي لا يقتصر فقط على الحالات الميؤوس منها كما هو شائع، بل يمتد لدعم الحالات الحرجة عبر فريق متعدد التخصصات يقدم الدعم الطبي، النفسي، والروحي، ممهداً الطريق للشفاء.

بعد فترة من الرعاية المكثفة في حريملاء، أصبح المريض جاهزاً للعودة إلى مستشفى الدرعية لإجراء العملية الثانية، والتي تضمنت إعادة زراعة عظمة الجمجمة (Cranioplasty) بنجاح وإغلاق الجرح. ليعود بعدها مجدداً إلى حريملاء للخضوع لبرنامج تأهيلي صارم تضمن ضبط ضغط الدم، وجلسات علاج طبيعي مكثفة لاستعادة الوظائف الحركية.

انعكاسات رؤية 2030 على القطاع الصحي

أثمرت هذه الخطة العلاجية المحكمة عن تحسن مذهل؛ حيث استعاد المريض وعيه بالكامل وقدرته على الجلوس والتفاعل، ليغادر المستشفى بصحة جيدة. ويُعزى هذا النجاح إلى تضافر جهود منظومة واسعة من الخبراء شملت الأطباء، التمريض، أخصائيي التغذية، العلاج الطبيعي والتنفسي، والخدمة الاجتماعية.

تُجسد هذه الحالة بشكل عملي مستهدفات رؤية المملكة 2030 في برنامج تحول القطاع الصحي، والذي يركز على نموذج الرعاية الحديث القائم على التكامل بين المستشفيات (Health Clusters). هذا النموذج يضمن حصول المريض على الرعاية التخصصية الدقيقة في الوقت المناسب والمكان المناسب، مما يرفع من جودة الحياة ويقلل من الهدر، مؤكداً أن النظام الصحي في المملكة يسير بخطى ثابتة نحو العالمية.