تستعد العاصمة السعودية الرياض لاستضافة حدث ثقافي بارز، حيث أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة عن تنظيم النسخة الخامسة من مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة، والذي سيُعقد في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر 2025. يأتي المؤتمر هذا العام تحت عنوان محوري وعميق: “الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة”، ليواصل مسيرته كمنصة عالمية رائدة تجمع نخبة من المفكرين والباحثين والفلاسفة من مختلف أنحاء العالم.
سياق ثقافي متجدد وخلفية تاريخية غنية
يأتي تنظيم هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية تحولاً ثقافياً واجتماعياً واسعاً في إطار رؤية 2030، التي تهدف إلى تعزيز الصناعات الإبداعية ودعم الحوار الفكري. وتلعب هيئة الأدب والنشر والترجمة، إحدى هيئات وزارة الثقافة، دوراً محورياً في تحقيق هذه الأهداف من خلال إطلاق مبادرات نوعية ترسخ مكانة المملكة كمركز للإشعاع الثقافي والمعرفي في المنطقة والعالم.
إن اختيار موضوع الحوار بين الفلسفات الشرقية والغربية ليس وليد الصدفة، بل يستند إلى إرث تاريخي عريق. فقد لعب الفلاسفة والمفكرون في العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى دور الوسيط الحضاري، حيث ترجموا وشرحوا الفلسفة اليونانية ونقلوها إلى أوروبا، مضيفين إليها إسهاماتهم الأصيلة التي أثرت الفكر الإنساني لقرون. ويهدف المؤتمر إلى إحياء هذا الدور، واستكشاف التقاطعات الفكرية التي شكلت مسار الحضارات.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
يكتسب مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة أهمية متزايدة على مختلف الأصعدة:
- محلياً: يساهم المؤتمر في إثراء المشهد الثقافي السعودي، وتشجيع جيل جديد من الشباب على التفكير النقدي والبحث الفلسفي. كما يعزز مكانة الرياض كعاصمة للفكر والثقافة، قادرة على استضافة حوارات عالمية رفيعة المستوى.
- إقليمياً: يوفر المؤتمر منصة للمفكرين العرب للتفاعل مع نظرائهم الدوليين، مما يساهم في إعادة إحياء التقاليد الفلسفية في المنطقة وربطها بالقضايا المعاصرة.
- دولياً: يعمل المؤتمر على بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وتحدي الصور النمطية، وتقديم رؤية أكثر شمولية لتاريخ الفلسفة تتجاوز المركزية الغربية. إنه دعوة مفتوحة لحوار عالمي متكافئ يسهم في معالجة التحديات الفكرية والأخلاقية التي تواجه الإنسانية اليوم.
برنامج ثري ومتنوع يخاطب الجميع
يركز المؤتمر في نسخته الخامسة على دراسة الجذور التاريخية للفلسفات الشرقية والغربية، واستكشاف مسارات تطورها، والعلاقات المتبادلة بينها. ويتضمن برنامجه المتكامل جلسات رئيسة يشارك فيها كبار المفكرين العالميين، وورش عمل تطبيقية، وحلقات نقاش متخصصة تبحث في الإشكالات الفكرية الكبرى.
ولتعميم الفائدة، يقدم المؤتمر مسارات تفاعلية مبتكرة، أبرزها:
- فلاسفة الغد: برنامج موجه للأطفال لتنمية مهارات التساؤل والتفكير النقدي لديهم منذ الصغر.
- فلسفة 101: مسار تعريفي للجمهور العام يهدف إلى تبسيط المفاهيم الفلسفية الأساسية.
- تجارب معرفية وفنية: مثل “الفلسفة حول العالم” و”مرايا الذات”، التي تتيح للزوار استكشاف الأسئلة الوجودية بأساليب إبداعية.
كما يستضيف المؤتمر مسارح جانبية للجامعات والمراكز البحثية الدولية لعرض رؤاها المتعددة، بينما يركز المسرح الرئيس على المحاور الكبرى التي تربط الشرق بالغرب، ليؤكد المؤتمر مجدداً على أنه ليس مجرد حدث عابر، بل هو مشروع فكري مستدام يهدف إلى ترسيخ دور الفلسفة كأداة أساسية لفهم العالم وبناء مستقبل أكثر حكمة وتواصلاً.