مؤتمر الموسيقى العربية بالرياض: توصيات بمرجع رقمي عالمي

اختتم مؤتمر الموسيقى العربية بالرياض أعماله بتوصيات تاريخية لإنشاء مرجع موثق ومنظومة رقمية عالمية للتراث الموسيقي العربي، لتعزيز الهوية وحفظ الإرث للأجيال القادمة.
نوفمبر 30, 2025
10 mins read

في خطوة تاريخية تهدف إلى حماية وتوثيق الإرث الموسيقي العربي العريق، اختتم “مؤتمر الموسيقى العربية” الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض أعماله، مُصدرًا مجموعة من التوصيات المحورية التي ترسم ملامح مستقبل الموسيقى في المنطقة. وأبرز هذه التوصيات الدعوة إلى تأسيس مرجع علمي موثق ومنظومة رقمية متكاملة للمقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية العربية، لتكون منارة للباحثين والفنانين والأجيال القادمة.

سياق تاريخي ورؤية مستقبلية

يأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية تحولًا ثقافيًا واجتماعيًا واسعًا تحت مظلة رؤية 2030، التي تولي اهتمامًا كبيرًا للفنون والثقافة كجزء أساسي من الهوية الوطنية ومحرك للتنمية. ويُعد هذا المؤتمر استكمالًا وتحديثًا للجهود التاريخية التي بدأت مع مؤتمر الموسيقى العربية الأول في القاهرة عام 1932، والذي وضع الأسس الأولى لتوثيق هذا الفن. إلا أن مؤتمر الرياض ينطلق برؤية عصرية، مستفيدًا من التقنيات الرقمية المتقدمة لإنشاء أرشيف حيوي وتفاعلي يتجاوز حدود التوثيق الورقي، ويجعله متاحًا للعالم أجمع.

توصيات استراتيجية لمستقبل الموسيقى العربية

أوضح معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA)، أن فكرة المؤتمر جاءت استجابة للحاجة المُلحة في الساحة الفنية والبحثية لتوحيد الجهود. وأكد أن الهدف هو الخروج بنتائج عملية تخدم الباحثين وتحفظ التراث. وتضمنت التوصيات النهائية للمؤتمر، التي جاءت بعد ثمانية أشهر من العمل الدؤوب للجان متخصصة من مختلف أنحاء العالم العربي، ما يلي:

  • إنشاء مرجع عربي موثق: تنفيذ مشروع شامل لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية بمنهجية علمية دقيقة، تشمل التدوين النوتي، التحليل، والمسح الميداني، مع حفظ التراث الشفهي وإعادة تسجيل النماذج النغمية النادرة.
  • تأسيس منظومة رقمية متكاملة: إطلاق مكتبات إلكترونية مفتوحة ومنصات تعليمية تفاعلية وتطبيقات ذكية، تتيح الوصول السهل للمحتوى المكتوب والمسموع والمرئي بجودة عالية.
  • إطلاق أكاديمية عربية عليا: تأسيس أول مؤسسة بحثية وتعليمية متخصصة في دراسة وتطوير علوم الموسيقى العربية، لتعزيز المناهج الأكاديمية ودعم الباحثين الشباب.
  • دمج التراث في التعليم: إدراج التراث الموسيقي العربي، بتنوعه المحلي، ضمن المناهج التعليمية في المدارس والمعاهد لترسيخ الوعي به لدى الأجيال الجديدة.

التأثير المحلي والإقليمي والدولي

لا تقتصر أهمية هذه المبادرة على المملكة وحدها، بل تمتد لتشمل العالم العربي بأسره. فعلى الصعيد المحلي، تعزز هذه الجهود الهوية الثقافية السعودية، حيث قامت اللجنة السعودية بالفعل بتوثيق 14 مقامًا حجازيًا وأكثر من 160 إيقاعًا سعوديًا. أما إقليميًا، فيؤسس المؤتمر لتعاون عربي غير مسبوق، ويوحد الجهود لمواجهة خطر اندثار الكثير من الفنون التقليدية. ودوليًا، سيساهم إنشاء مرجع رقمي عالمي في تقديم الموسيقى العربية بصورتها الأكاديمية الصحيحة للمعاهد والجامعات العالمية، مما يعزز مكانتها ويصحح المفاهيم الخاطئة حولها، ويجعلها جزءًا لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي.

وفي كلمته، شكر المستشار آل الشيخ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على دعمهما اللامحدود لقطاعي الثقافة والترفيه، مثمنًا جهود وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان. وأكد على أهمية التكامل بين جميع الجهات، مشيرًا إلى أن التعاون بين وزارة الثقافة وهيئة الترفيه أتاح آفاقًا أوسع لإنجاز هذا المشروع العلمي الكبير، الذي سيجعل من الرياض منارة ثقافية وفنية رائدة في المنطقة.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

هجوم روسي بمسيرة قرب كييف: مقتل وإصابة 12 مدنياً
Previous Story

هجوم روسي بمسيرة قرب كييف: مقتل وإصابة 12 مدنياً

الرياض تستضيف مؤتمر ISOCARP 2025 وتطلق برامج الذكاء الاصطناعي
Next Story

الرياض تستضيف مؤتمر ISOCARP 2025 وتطلق برامج الذكاء الاصطناعي

Latest from الثقافة

أذهب إلىالأعلى