قبل ساعات من المواجهة المرتقبة بين المنتخب السعودي ونظيره العُماني في بطولة كأس العرب 2025 بقطر، تتجه الأنظار ليس فقط إلى اللاعبين داخل الملعب، بل إلى الخطوط الفنية التي يقودها اثنان من أبرز المدربين على الساحة الدولية: الفرنسي هيرفي رينارد والبرتغالي كارلوس كيروش. هذا الصدام لا يمثل مجرد مباراة في بطولة إقليمية، بل هو فصل جديد في قصة تنافس تكتيكي بين مدرستين مختلفتين، وتاريخ حافل بالتجارب الكبرى لكل منهما.
خلفية تاريخية لعمالقة التدريب
يمثل كل من رينارد وكيروش قصة نجاح فريدة. يُعرف هيرفي رينارد بلقب “الساحر الأبيض”، وهو المدرب الوحيد في التاريخ الذي فاز بكأس الأمم الأفريقية مع منتخبين مختلفين (زامبيا 2012 وساحل العاج 2015). بنى رينارد سمعته على قدرته الفائقة على تحفيز اللاعبين وبناء شخصية قوية للفرق التي يدربها، وهو ما تجلى بوضوح في قيادته للمنتخب السعودي لتحقيق فوز تاريخي على الأرجنتين في كأس العالم 2022. أما كارلوس كيروش، فهو مدرب مخضرم صاحب مسيرة تدريبية تمتد لعقود، عمل خلالها مساعدًا للسير أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد، وقاد أندية كبرى مثل ريال مدريد ومنتخبات عالمية كالبرتغال وإيران، التي قادها إلى نهائيات كأس العالم ثلاث مرات متتالية، معتمدًا على أسلوب دفاعي منظم وواقعية تكتيكية عالية.
صدام مونديال 2018: ذكرى لا تُنسى
تعود المواجهة المباشرة الوحيدة بين المدربين إلى كأس العالم 2018 في روسيا، حين كان كيروش على رأس القيادة الفنية لمنتخب إيران، بينما قاد رينارد منتخب المغرب. في تلك المباراة، ورغم سيطرة المنتخب المغربي وتقديمه أداءً هجوميًا لافتًا، نجح كيروش في فرض أسلوبه الدفاعي الصارم وخطف الفوز بهدف قاتل في الدقائق الأخيرة. كانت تلك المباراة تجسيدًا حيًا لفلسفة كل مدرب؛ رينارد الباحث عن المبادرة الهجومية، وكيروش الذي يبرع في بناء حصون دفاعية واللعب على الأخطاء. هذه الذكرى تظل عالقة في الأذهان وتضيف بعدًا ثأريًا للمواجهة الجديدة.
أهمية المواجهة وتأثيرها المتوقع
تكتسب المباراة أهمية كبرى لكلا المنتخبين في سياق بطولة كأس العرب. بالنسبة للمنتخب السعودي، تمثل المباراة اختبارًا حقيقيًا لمشروع رينارد المستمر في تجديد دماء الفريق وتأكيد هيمنته الإقليمية. أما للمنتخب العُماني، فهي فرصة لإثبات الذات تحت قيادة كيروش، الذي يسعى لبناء فريق تنافسي قادر على مجاراة الكبار. الفوز في هذه المباراة لن يمنح ثلاث نقاط ثمينة فحسب، بل سيعزز من ثقة الفريق الفائز ويمنحه دفعة معنوية هائلة لاستكمال مشواره في البطولة، كما سيسجل تفوقًا شخصيًا لأحد المدربين على الآخر في سجلهما المباشر.
يدخل كيروش اللقاء وهو أكثر استقرارًا نسبيًا مع منتخب عمان، حيث قاده في 8 مباريات، حقق خلالها 3 انتصارات و3 هزائم وتعادلين، في سجل يعكس مرحلة بناء واضحة. في المقابل، خاض رينارد مع السعودية 20 مباراة، فاز في 8 وخسر 7 وتعادل في 5، معتمدًا على توليفة تجمع بين الخبرة والشباب. وبين تاريخ حافل وتحديات حالية، يبقى لقاء الليلة مسرحًا مفتوحًا لصراع تكتيكي من الطراز الرفيع، يترقبه الجميع لمعرفة من سيكتب الكلمة الأخيرة في هذا الفصل الجديد من مواجهات رينارد وكيروش.