ودّع عالم الموسيقى اليوم أحد أبرز أعمدته، النجم الجامايكي وأيقونة موسيقى الريجي، جيمي كليف، الذي توفي عن عمر يناهز 81 عامًا بعد صراع مع التهاب رئوي حاد. وأكدت زوجته، لطيفة تشامبرز، الخبر المحزن عبر منشور على منصة إنستجرام، قائلة: “بحزن عميق أشارككم أن زوجي، جيمي كليف، قد رحل”، معربة عن شكرها لكل من ساندوه في رحلته الفنية والإنسانية.
وُلد جيمي كليف باسم جيمس تشامبرز في أبريل 1948 في منطقة ريفية بجامايكا، وبدأ مسيرته الفنية في سن مبكرة، حيث انتقل إلى العاصمة كينغستون لمتابعة حلمه الموسيقي. سرعان ما لفت انتباه المنتج ليزلي كونغ، الذي أنتج له أولى أغانيه الناجحة مثل “Hurricane Hattie” وهو لا يزال في الرابعة عشرة من عمره. تميز كليف بصوته القوي المليء بالشجن وقدرته على دمج إيقاعات السكا والروكستيدي المبكرة مع موسيقى السول الأمريكية، مما مهد الطريق لولادة صوت الريجي الذي سيغزو العالم لاحقًا.
شكل عام 1972 نقطة تحول محورية في مسيرة جيمي كليف وفي تاريخ موسيقى الريجي عالميًا، وذلك بفضل دوره البطولي في فيلم “The Harder They Come” (كلما زادت الصعاب). لم يقتصر نجاح الفيلم على كونه عملًا سينمائيًا يصور حياة شاب طموح يواجه الفساد في صناعة الموسيقى، بل تحولت موسيقاه التصويرية، التي أداها كليف، إلى بوابة عبور للريجي نحو العالمية. أغانٍ مثل “Many Rivers to Cross”، و”You Can Get It If You Really Want”، والأغنية الرئيسية للفيلم، لم تعرف الجمهور العالمي على موسيقى جامايكا فحسب، بل عرّفتهم أيضًا على قضاياها الاجتماعية والسياسية وروح الصمود لدى شعبها.
لم يكن جيمي كليف مجرد مغنٍ، بل كان رسولًا ثقافيًا وسفيرًا لبلاده. تناولت أغانيه قضايا العدالة الاجتماعية، والفقر، والمقاومة، والأمل، مستلهمًا من حركة الراستافارية التي اعتنقها. وبفضل مساهماته الاستثنائية، نال كليف العديد من التكريمات، أبرزها إدراجه في “قاعة مشاهير الروك آند رول” عام 2010، وحصوله على “وسام الاستحقاق” من الحكومة الجامايكية، وهو أعلى تكريم يمنح لمواطن جامايكي، ليصبح أحد فنانين اثنين فقط يحملان هذا الشرف. برحيله، تفقد جامايكا والعالم صوتًا فريدًا وفنانًا استطاع بموسيقاه أن يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، تاركًا إرثًا موسيقيًا خالدًا سيستمر في إلهام الأجيال القادمة.