في تصعيد لافت للخطاب السياسي، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء رسالة تحدٍ مباشرة إلى قادة أوروبا، مؤكداً أن روسيا “مستعدة” لخوض حرب مع القارة الأوروبية إذا كانت الأخيرة ترغب في ذلك. جاءت هذه التصريحات النارية قبيل لقائه المقرر مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما يضيف بعداً استراتيجياً لتوقيتها.
وقال بوتين بوضوح: “لا نخطط للدخول في حرب مع أوروبا، لكن إذا أرادت أوروبا ذلك وبدأت، فنحن مستعدون حالياً”. واتهم القادة الأوروبيين بالسعي لتقويض أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، معتبراً أنهم استبعدوا أنفسهم من مسار المفاوضات بمبادرتهم الخاصة. وأضاف على هامش منتدى اقتصادي: “ليس لديهم برنامج سلام، إنهم إلى جانب الحرب”.
خلفية الصراع وسياق التصعيد
تأتي هذه التصريحات في سياق الصراع الدائر في أوكرانيا الذي بدأ غزوه الشامل في فبراير 2022، والذي يعد بدوره امتداداً للتوترات التي تفجرت مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014. منذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين روسيا والغرب تدهوراً مستمراً، تمثل في فرض عقوبات اقتصادية قاسية على موسكو، وتقديم دعم عسكري ومالي غير مسبوق لكييف، بالإضافة إلى توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) ليشمل فنلندا والسويد، وهو ما تعتبره روسيا تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
الأهمية والتأثيرات المحتملة
تحمل كلمات بوتين دلالات عميقة على عدة مستويات. على الصعيد الإقليمي، تهدف إلى اختبار وحدة الصف الأوروبي وزرع الشكوك حول جدوى استمرار الدعم لأوكرانيا، خاصة مع تزايد تكاليف الحرب الاقتصادية والاجتماعية. كما أنها تمثل ضغطاً نفسياً على دول أوروبا الشرقية التي تشعر بقلق متزايد من الطموحات الروسية. أما دولياً، فتعتبر هذه التصريحات رسالة موجهة للولايات المتحدة، مفادها أن روسيا لن تتراجع عن مواقفها وأن أي حل مستقبلي يجب أن يأخذ مصالحها الأمنية في الاعتبار. ودعا بوتين القادة الأوروبيين إلى “التخلي عن الوهم” بإمكانية إلحاق “هزيمة استراتيجية بروسيا”، مطالباً إياهم بـ”العودة إلى الواقع، مرتكزين على الوضع على الأرض”، في إشارة إلى المكاسب الميدانية التي حققتها قواته مؤخراً.
تصعيد في البحر الأسود
لم يقتصر التصعيد على الخطاب السياسي، بل امتد ليشمل التهديدات العسكرية المباشرة. فقد أعلن بوتين أن روسيا “ستوسع نطاق ضرباتها ضد السفن التي تدخل الموانئ الأوكرانية”، وذلك رداً على هجوم أوكراني استهدف ناقلتي نفط روسيتين في المياه الإقليمية التركية بالبحر الأسود. يعكس هذا الإعلان نية موسكو تشديد الحصار البحري على أوكرانيا، مما قد يؤثر على صادرات الحبوب ويزيد من تفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمي.