تتجه أنظار العالم يوم الثلاثاء إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث يُعقد لقاء دبلوماسي رفيع المستوى بين الرئيس فلاديمير بوتين والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف. يأتي هذا الاجتماع الحاسم في إطار مساعٍ دولية مكثفة تهدف إلى إيجاد مخرج سياسي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتي دخلت عامها الرابع وسط تصعيد عسكري روسي ملحوظ في الآونة الأخيرة.
خلفية الصراع والجهود الدبلوماسية المتعثرة
اندلعت الأزمة الأوكرانية بشكلها الحالي مع الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، والذي مثل أكبر صراع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وقد سبق هذا التصعيد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 ودعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا. على مدار السنوات، تسبب الصراع في أزمة إنسانية كارثية، حيث نزح الملايين من ديارهم وقُتل وجُرح مئات الآلاف، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية الأوكرانية. ورغم انعقاد جولات تفاوضية متعددة في السابق، أبرزها محادثات إسطنبول، إلا أنها لم تنجح في التوصل إلى تسوية دائمة بسبب الخلافات العميقة حول قضايا جوهرية مثل الوضع الإقليمي والضمانات الأمنية.
أهمية اللقاء وتأثيره المحتمل
يكتسب هذا اللقاء أهمية خاصة كونه يمثل محاولة أمريكية مباشرة للتوسط في النزاع. ويأتي غداة تصريحات متفائلة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعرب عن ثقته بقرب التوصل إلى اتفاق سلام. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن “الرئيس وفريقه عملوا بجهد على هذا الملف، وهم جميعًا يأملون أن يروا نهاية لهذه الحرب”. وأعلن الكرملين أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، سيشارك أيضًا في الاجتماع، مما يضفي ثقلاً سياسياً إضافياً على المباحثات. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: “سيستقبل بوتين ويتكوف، كبير المفاوضين الأمريكيين في الملف الأوكراني، في الكرملين. وسيكون جاريد كوشنر معه أيضًا”.
المواقف الأوكرانية والأوروبية
في المقابل، تتعامل كييف وحلفاؤها الأوروبيون مع هذه المبادرة بحذر. فقد اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موسكو بالسعي لاستغلال المفاوضات كغطاء لإعادة تجميع قواتها ومحاولة إضعاف نظام العقوبات الدولية المفروضة عليها. وقد تلقى زيلينسكي دعماً قوياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شدد على ضرورة التوصل إلى “سلام عادل ودائم” يضمن سيادة أوكرانيا. ورغم ترحيبه بالوساطة الأمريكية، أوضح ماكرون أنه “لا يمكن إنجاز خطة سلام إلا بوجود الأوروبيين حول الطاولة”، مؤكداً على أهمية التنسيق عبر الأطلسي. وفي هذا السياق، أجرى الرئيس الفرنسي اتصالاً هاتفياً بنظيره الأمريكي لمناقشة “شروط إرساء سلام قوي ودائم” و”البعد المركزي للضمانات الأمنية اللازمة لأوكرانيا”.
إن نتائج اجتماع موسكو ستكون لها تداعيات تتجاوز حدود أوكرانيا وروسيا، لتؤثر على الأمن الإقليمي في أوروبا والاستقرار العالمي. فبينما يراقب العالم بترقب، يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت هذه الجولة الجديدة من الدبلوماسية ستتمكن من تحقيق اختراق حقيقي في جدار انعدام الثقة العميق بين الأطراف المتنازعة.