سجّل فريق جراحة القلب في مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب بالأحساء إنجازاً طبياً نوعياً جديداً يضاف إلى سجل نجاحات القطاع الصحي في المملكة، تمثل في إنقاذ حياة مريض يبلغ من العمر خمسين عاماً، بعد تعرضه لتوقف مفاجئ وكامل في عضلة القلب أثناء خضوعه لعملية قسطرة معقدة، وذلك بفضل التدخل السريع والاحترافي باستخدام تقنية دعم الحياة المتقدمة المعروفة بـ (الإيكمو).
وفي تفاصيل الحالة، أوضح الفريق الطبي المشرف أن المركز استقبل المريض وهو يعاني من أزمة قلبية حادة ناتجة عن احتشاء في عضلة القلب، مما استدعى تدخلاً عاجلاً لإجراء قسطرة قلبية. وأثناء سير العملية، حدثت مضاعفات خطيرة تمثلت في انسداد كامل في الشرايين التاجية، ما أدى إلى توقف القلب بشكل كامل، ورغم المحاولات الأولية للفريق الطبي لإعادة فتح الشرايين باستخدام الدعامات، إلا أن الحالة كانت تتطلب تدخلاً أكثر تقدماً.
تدخل عاجل وتقنية متطورة
بادر الفريق الإسعافي فوراً بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي المتقدم للحفاظ على تدفق الدم للأعضاء الحيوية، وبالتزامن مع ذلك، تم استدعاء فريق جراحة القلب والأوعية الدموية المتخصص. وبعد تقييم سريع للحالة الحرجة، تقرر تركيب جهاز الأكسجة الغشائية خارج الجسم (ECMO)، وهي تقنية طبية متطورة تقوم بوظيفة القلب والرئتين مؤقتاً، حيث تعمل على سحب الدم من الجسم، وأكسجته، ثم إعادة ضخه، مما يمنح القلب والرئتين فرصة للراحة والتعافي دون إجهاد.
وتُعد تقنية “الإيكمو” واحدة من أكثر تقنيات دعم الحياة تعقيداً، وتتطلب بنية تحتية طبية متقدمة وكوادر بشرية عالية التدريب للتعامل معها، حيث تُستخدم عادةً كحل أخير للحالات التي تفشل فيها طرق العلاج التقليدية في دعم وظائف القلب أو الرئتين.
مرحلة التعافي والإنجاز الطبي
أثمرت الجهود الطبية عن نتائج إيجابية مذهلة، فخلال 48 ساعة من تركيب الجهاز ومراقبة المريض في العناية المركزة، أظهرت المؤشرات الحيوية تحسناً ملحوظاً. ومع استقرار الحالة واستعادة القلب لوظيفته الطبيعية وقدرته على ضخ الدم بكفاءة، تم نزع جهاز الإيكمو بنجاح، لينتقل المريض بعدها لاستكمال مرحلة التعافي التأهيلي تحت إشراف دقيق من الفريق الطبي المختص.
أهمية المركز وتوافق مع الرؤية الصحية
يُبرز هذا الإنجاز الطبي الكفاءة العالية التي يتمتع بها مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب، ليس فقط على مستوى الكوادر الطبية، بل أيضاً في توفر التجهيزات المتقدمة للتعامل مع الحالات القلبية الحرجة والمعقدة. ويُعد وجود مثل هذه المراكز المتخصصة في المناطق المختلفة ركيزة أساسية في منظومة الرعاية الصحية، حيث يقلل من الحاجة إلى نقل الحالات الحرجة مسافات طويلة، مما يرفع من فرص النجاة.
ويجسد هذا النجاح حرص تجمع الأحساء الصحي على تطبيق أعلى معايير الخدمة الطبية التخصصية، بما يواكب مستهدفات برنامج تحول القطاع الصحي ورؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية المتقدمة لكافة المواطنين في مختلف مناطق المملكة، مما يعزز مكانة المملكة كمرجع طبي إقليمي في مجال جراحات القلب والعناية المركزة.