شهدت منطقة أوكايالي في غابات الأمازون بوسط البيرو فجر الإثنين، كارثة مأساوية تمثلت في انهيار أرضي ضخم في ميناء إيباريا النهري، مما أسفر عن مصرع 12 شخصًا وفقدان أثر 30 آخرين، بالإضافة إلى إصابة ستة أشخاص بجروح متفاوتة. وأكدت السلطات المحلية، نقلًا عن وكالة الأنباء الرسمية “أندينا”، أن الانهيار جرف وأغرق قاربي ركاب كانا راسيين على ضفة النهر، مما أدى إلى هذه الحصيلة الثقيلة من الضحايا.
تفاصيل الحادث وجهود الإنقاذ
وفقًا لتقرير الشرطة، وقع الحادث في الساعات الأولى من الصباح، حيث كان أحد القاربين خاليًا من الركاب، بينما كان الآخر يقل على متنه ما يقرب من 50 شخصًا، بينهم أطفال ومجموعة من الأطباء والمدرسين الذين كانوا في طريقهم لخدمة المجتمعات النائية. وأوضح المركز الوطني لعمليات الطوارئ (COEN) عبر منصة “إكس”، أن سبب الانهيار يعود إلى “تآكل ضفة النهر”، وهي ظاهرة تتفاقم مع بداية موسم الأمطار في المنطقة. وفور وقوع الكارثة، تم إطلاق عمليات بحث وإنقاذ واسعة، حيث طلب المركز دعمًا من القوات البحرية للمساعدة في انتشال الضحايا والبحث عن المفقودين في مياه النهر العكرة.
السياق العام: البيرو والكوارث الطبيعية
تُعد الانهيارات الأرضية، المعروفة محليًا باسم “هوايكوس” (Huaycos)، من الكوارث الطبيعية المتكررة في البيرو، نظرًا لطبيعتها الجغرافية المعقدة. فوجود سلسلة جبال الأنديز الشاهقة يجعل العديد من المناطق عرضة للانزلاقات الطينية والصخرية، خاصة خلال موسم الأمطار الذي يمتد عادة من ديسمبر إلى أبريل. وتتسبب الأمطار الغزيرة في تشبع التربة بالمياه، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنحدرات وضفاف الأنهار، ويزيد من خطر حدوث مثل هذه الكوارث. كما تلعب ظواهر مناخية مثل “إل نينيو” دورًا في زيادة حدة هذه الظواهر من خلال التسبب في هطول أمطار استثنائية وفيضانات مدمرة.
أهمية الحادث وتأثيره المتوقع
تتجاوز تداعيات هذه المأساة الخسائر البشرية الفادحة لتلقي بظلالها على الحياة في منطقة الأمازون البيروفية. ففي هذه المناطق النائية، تمثل الأنهار شرايين الحياة الرئيسية، حيث يعتمد السكان بشكل كلي على النقل النهري للتنقل والحصول على السلع الأساسية والخدمات الصحية والتعليمية. ويؤدي تدمير الموانئ وتعطل حركة الملاحة إلى عزل المجتمعات المحلية وتفاقم معاناتها. على الصعيد الوطني، يسلط الحادث الضوء مجددًا على ضعف البنية التحتية في المناطق الريفية والحاجة الملحة لتعزيز أنظمة الإنذار المبكر وإجراءات الوقاية من الكوارث، مثل بناء جدران استنادية ومراقبة استقرار ضفاف الأنهار. كما يبرز الحادث التأثير المتزايد للتغير المناخي على المجتمعات الأكثر فقرًا وهشاشة، ويدق ناقوس الخطر بضرورة اتخاذ إجراءات دولية ومحلية جادة للتكيف مع هذه التحديات البيئية المتنامية.
