أنهت مؤشرات الأسهم الروسية تعاملات جلسة اليوم الأربعاء على تراجع ملحوظ، حيث سيطرت الضغوط البيعية وتقلبات معنويات المستثمرين على مجريات التداول. وأغلقت المؤشرات الرئيسية في المنطقة الحمراء، وسط حالة من الترقب للبيانات الاقتصادية المحلية وتطورات أسواق الطاقة العالمية التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الروسي.
تفاصيل أداء المؤشرات في ختام الجلسة
سجل مؤشر بورصة موسكو (MOEX)، الذي يقيس أداء الأسهم المقومة بالروبل الروسي، انخفاضاً بنهاية التداولات بمقدار 20.67 نقطة، ما يمثل تراجعاً نسبته 0.77% مقارنة بإغلاق الجلسة السابقة. وبهذا الانخفاض، استقر المؤشر عند مستوى 2646.53 نقطة، عاكساً حالة الحذر التي هيمنت على قرارات المتداولين.
وفي المقابل، شهد مؤشر "RTS"، الذي يقيس أداء الأسهم المقومة بالدولار الأمريكي، تراجعاً أكثر حدة بلغت نسبته 1.40%. وفقد المؤشر نحو 15.21 نقطة من قيمته، ليغلق عند مستوى 1069.47 نقطة. ويعزى الفارق الواضح في نسبة الهبوط بين المؤشرين إلى ديناميكيات سعر صرف العملة؛ حيث يؤدي ضعف الروبل أمام الدولار عادةً إلى الضغط بشكل أكبر على المؤشر المقوم بالعملة الأمريكية، وهو ما يفسر الخسائر الأكبر في RTS.
السياق الاقتصادي وهيكلة السوق الروسية
لفهم طبيعة هذه التحركات، يجب النظر إلى الخلفية التاريخية والاقتصادية لبورصة موسكو. تُعد هذه السوق المركز المالي الأهم في روسيا، حيث تضم كبرى الشركات العملاقة في مجالات النفط، الغاز، والتعدين، مثل "غازبروم" و"سبيربنك". ونظراً لطبيعة الاقتصاد الروسي القائم على الموارد، تتسم السوق بحساسية مفرطة تجاه تقلبات أسعار السلع الأساسية عالمياً.
منذ عام 2022، ومع فرض العقوبات الغربية الواسعة، شهدت السوق المالية الروسية تحولات جذرية. فقد خرجت رؤوس الأموال الغربية المؤسسية، ليحل محلها المستثمرون المحليون الأفراد والمؤسسات من الدول التي تصنفها موسكو كـ "دول صديقة". هذا التغيير في هيكلة المستثمرين جعل السوق أكثر تأثراً بالعوامل النفسية المحلية والسياسات النقدية الداخلية، وقلل جزئياً من ارتباطها المباشر بالأسواق المالية الغربية التقليدية.
تأثير السياسات النقدية وأسعار الفائدة
يأتي هذا التراجع في وقت يراقب فيه المحللون عن كثب تحركات البنك المركزي الروسي. فمع استمرار معدلات التضخم في مستويات مرتفعة، يميل البنك المركزي إلى تبني سياسات نقدية متشددة ورفع أسعار الفائدة الرئيسية. وتعتبر أسعار الفائدة المرتفعة عاملاً ضاغطاً على أسواق الأسهم، حيث تزيد من جاذبية الودائع البنكية وأدوات الدين الحكومية كبدائل استثمارية آمنة ذات عوائد مجزية، مما يسحب السيولة من سوق الأسهم ويؤدي إلى تراجع المؤشرات كما حدث في جلسة اليوم.
ختاماً، يظل أداء بورصة موسكو مؤشراً حيوياً ليس فقط لثروات المستثمرين، بل لمتانة الاقتصاد الروسي في وجه التحديات الجيوسياسية، حيث يعكس مؤشر MOEX قوة الطلب الداخلي، بينما يظل RTS نافذة لتقييم الأصول الروسية بالمعايير الدولية.