احتفاء عالمي بالإبداع اللغوي في الرياض
في أمسية ثقافية بارزة، احتفى مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية مساء الأحد بتتويج الفائزين بجائزته العالمية في نسختها الرابعة، وذلك خلال حفل مهيب أُقيم في العاصمة الرياض. نُظم الحفل برعاية كريمة من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة ورئيس مجلس أمناء المجمع، وبحضور نائب وزير الثقافة الأستاذ حامد بن محمد فايز، وجمع غفير من كبار المسؤولين، والدبلوماسيين، والباحثين، والأكاديميين المهتمين باللغة العربية من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس الأهمية المتزايدة التي تكتسبها الجائزة على الساحة الدولية.
خلفية الجائزة ودور المجمع في رؤية 2030
يأتي هذا التكريم في سياق الدور المحوري الذي يلعبه مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي تأسس بقرار من مجلس الوزراء في سبتمبر 2020، ليكون مرجعية عالمية في خدمة اللغة العربية. ويندرج عمل المجمع ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 وبرنامج تنمية القدرات البشرية، التي تؤكد على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية للمملكة وتعزيز مكانتها عالميًا. تهدف الجائزة، التي أصبحت من أبرز مبادرات المجمع، إلى تحفيز الابتكار وتشجيع الأفراد والمؤسسات على تقديم إسهامات نوعية تخدم لغة الضاد في العصر الرقمي، وتضمن حضورها الفاعل في مختلف الميادين العلمية والتقنية والمجتمعية.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تتجاوز أهمية الجائزة حدود التكريم المادي، لتشكل منصة دولية للاعتراف بالجهود المتميزة في خدمة اللغة العربية. على الصعيد المحلي، تعزز الجائزة من مكانة المملكة كقائدة للعمل الثقافي واللغوي في العالم العربي والإسلامي. إقليميًا، تسهم في توحيد الجهود بين الباحثين والمؤسسات العربية، وتشجع على تبادل الخبرات وتطوير مبادرات مشتركة. أما دوليًا، فإن تكريم فائزين من الولايات المتحدة الأمريكية ودول عربية متنوعة يرسخ عالمية الرسالة، ويشجع غير الناطقين بالعربية على دراستها والمساهمة في إثرائها، مما يخدم أهداف الدبلوماسية الثقافية ويعزز التواصل الحضاري.
تفاصيل التكريم والفائزون المتميزون
شهد الحفل تكريم الفائزين في فروع الجائزة الأربعة، حيث تم توزيع جوائز بقيمة إجمالية بلغت 1.6 مليون ريال سعودي، بواقع 200 ألف ريال لكل فائز في فئتي الأفراد والمؤسسات. وشملت الفروع:
- تعليم اللغة العربية وتعلمها: فاز بها الدكتور محمود محمد عادل البطل (الولايات المتحدة الأمريكية) عن فئة الأفراد، ومؤسسة مناهج العالمية (المملكة العربية السعودية) عن فئة المؤسسات.
- حوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة: فاز بها الدكتور أحمد ميلود خرصي (الجزائر) عن فئة الأفراد، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (المملكة العربية السعودية) عن فئة المؤسسات.
- أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية: فاز بها مناصفةً الدكتور رمزي منير بعلبكي (لبنان) والدكتور سعد عبدالعزيز مصلوح (مصر) عن فئة الأفراد، والمركز التربوي للغة العربية لدول الخليج (الإمارات العربية المتحدة) عن فئة المؤسسات.
- نشر الوعي اللغوي وإبداع المبادرات المجتمعية: فاز بها الدكتور مازن عبدالقادر المبارك (سوريا) عن فئة الأفراد، والائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب (المملكة المغربية) عن فئة المؤسسات.
وأكد الأمين العام للمجمع، الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن عملية اختيار الفائزين تمت وفق معايير علمية صارمة أشرفت عليها لجان تحكيم دولية متخصصة، لضمان الشفافية والنزاهة والوصول إلى أكثر الأعمال إبداعًا وتأثيرًا.
تطلعات مستقبلية لخدمة لغة الضاد
في كلمته التي ألقاها نيابة عن سمو وزير الثقافة، شدد نائب الوزير على الدعم غير المحدود الذي توليه القيادة الرشيدة لتعزيز دور اللغة العربية، مؤكدًا أن الثقافة ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة. ويُعد هذا الحفل تتويجًا لجهود مستمرة ودليلاً على التزام المملكة الراسخ بخدمة لغتها الخالدة، ليس فقط باعتبارها مكونًا أساسيًا للهوية، بل كلغة حية قادرة على مواكبة مستجدات العصر والمساهمة بفاعلية في مسيرة المعرفة الإنسانية.