أعلنت الشرطة النيجيرية عن وقوع حادثة اختطاف جديدة طالت عشرة أشخاص على الأقل في ولاية "النيجر" الواقعة وسط البلاد، في حلقة جديدة من مسلسل الانفلات الأمني الذي يعصف بالمنطقة. وتأتي هذه الحادثة لتعمق الجراح في الولاية التي لم تكد تستفيق من صدمة اختطاف مئات التلاميذ من مدرستهم الداخلية قبل نحو أسبوع، مما يثير تساؤلات جدية حول قدرة الأجهزة الأمنية على بسط سيطرتها وحماية المدنيين في المناطق الريفية.
ويأتي الهجوم الأخير في سياق زمني متقارب مع حوادث مروعة أخرى، حيث شهدت المنطقة ذاتها اختطاف أكثر من 300 تلميذ ومدرّس من مدرسة كاثوليكية تقع على بعد حوالي 400 كيلومتر في جزء آخر من ولاية النيجر المترامية الأطراف، ورغم نجاح 50 مخطوفاً في الهرب لاحقاً، إلا أن مصير البقية يظل ورقة ضغط بيد الخاطفين. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها المباشرة عن أي من عمليات الخطف التي شهدتها نيجيريا مؤخراً، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني.
تحديات أمنية وجذور الأزمة
تعد ظاهرة "قطاع الطرق" أو العصابات المسلحة (Bandits) من أخطر التحديات الأمنية التي تواجه شمال غرب ووسط نيجيريا حالياً. وتختلف هذه الجماعات عن التنظيمات الإرهابية ذات الدوافع الأيديولوجية مثل "بوكو حرام" في الشمال الشرقي، حيث تحركها دوافع مالية بحتة تتمثل في الحصول على الفديات. وتنشط هذه العصابات المسلحة في المناطق الريفية والغابات الشاسعة التي تعاني من ضعف التواجد الأمني وصعوبة التضاريس، مما يجعل ملاحقتهم أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة للقوات النظامية.
وتشير التقارير الأمنية والتحليلات السياسية إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية وتغير المناخ الذي أثر على الموارد الطبيعية قد ساهم في تأجيج الصراعات، حيث تحول الاختطاف إلى "صناعة مربحة" لهذه العصابات. ولم يعد الاستهداف مقتصراً على الشخصيات الثرية، بل طال المزارعين البسطاء وطلاب المدارس، مما أدى إلى إغلاق العديد من المؤسسات التعليمية خوفاً من الهجمات، وهجر المزارعين لأراضيهم، وهو ما يهدد الأمن الغذائي ومستقبل التعليم في أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان.
تفاصيل الهجوم الأخير
وفي سياق متصل بالأحداث السابقة، تم اختطاف 25 تلميذة من مدرسة للبنات في ولاية كيبي المجاورة، وتم إنقاذهن لاحقاً في عملية أمنية. وتستمر هذه العصابات في استهداف السكان المحليين سعياً للحصول على الأموال لتمويل عملياتها وشراء الأسلحة.
وحول تفاصيل الواقعة الأخيرة، قال الناطق باسم شرطة ولاية النيجر، واسيو أبيودون، في بيان مقتضب إن الهجوم وقع ليل الأربعاء. وأوضح أن الشرطة تلّقت تقريراً أمنياً يفيد بأن "مسلحين مشبوهين خطفوا حوالي عشرة أشخاص" من قرى في منطقة شيرورو. ورغم أن وسائل إعلام محلية وشهود عيان تحدثوا عن أرقام أعلى تصل إلى خطف 24 مزارعاً، إلا أن الشرطة تمسكت بتقديراتها الأولية، مؤكدة أن الجهود الأمنية والعسكرية ما زالت جارية على قدم وساق لتعقب الجناة وإنقاذ الضحايا وإعادتهم سالمين.