في خطوة تعكس الحراك الثقافي المتسارع الذي تشهده المملكة، تستعد جامعة الملك عبدالعزيز لإطلاق النسخة الجديدة من “مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية 2025”. يُنظم الحدث من قبل كلية الاتصال والإعلام في الفترة من 2 إلى 4 ديسمبر المقبل، ويُعد منصة حيوية تهدف إلى تمكين المواهب الشابة وصقل مهاراتهم الإبداعية، بما ينسجم مع التطور الكبير الذي يشهده قطاع صناعة السينما في السعودية.
السياق العام: نهضة سينمائية تدعمها رؤية 2030
يأتي هذا المهرجان في وقت استثنائي، حيث تشهد صناعة السينما السعودية نهضة غير مسبوقة منذ إعادة افتتاح دور العرض في عام 2018. وتُعد هذه النهضة أحد الركائز الأساسية في رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الصناعات الإبداعية والثقافية. وفي هذا الإطار، تلعب المؤسسات الأكاديمية، وعلى رأسها جامعة الملك عبدالعزيز، دورًا محوريًا في بناء جيل جديد من صناع الأفلام القادرين على سرد قصص سعودية أصيلة بمعايير عالمية. فالمهرجان لا يمثل حدثًا عابرًا، بل هو جزء من استراتيجية وطنية متكاملة لبناء نظام بيئي مستدام للسينما، يبدأ من التعليم والتدريب وينتهي بالإنتاج والتوزيع الدولي.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تتجاوز أهمية المهرجان أسوار الجامعة لتترك أثرًا ملموسًا على المشهد الثقافي المحلي والإقليمي. فعلى المستوى المحلي، يعمل المهرجان كحاضنة للمواهب، حيث يوفر للطلاب بيئة إنتاج واقعية تتيح لهم الاحتكاك المباشر بخبراء الصناعة من مخرجين ومنتجين ونقاد. هذا التفاعل المباشر يسهم في تسريع منحنى التعلم لديهم ويرفع من جودة أعمالهم الفنية. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن استضافة خبراء ورؤساء مهرجانات عربية ودولية ضمن لجان التحكيم وورش العمل يضع الإنتاج الطلابي السعودي على خارطة الاهتمام، ويفتح آفاقًا للتعاون المستقبلي، كما يساهم في تقديم صورة حديثة ومبتكرة عن الثقافة السعودية للعالم.
برنامج متكامل لصناعة سينمائية واعدة
يعمل القائمون على المهرجان على تحويله إلى مختبر مهني متكامل، حيث يُمكّن الطلاب من خوض التجربة السينمائية بكافة مراحلها؛ بدءًا من بناء الفكرة وكتابة السيناريو، مرورًا بالتصوير والإخراج، وانتهاءً بالعرض والتقييم الفني. ويقدم المهرجان برنامجًا حافلًا بالفعاليات، يشمل عروضًا للأفلام المشاركة في مسارات متنوعة (روائية، وثائقية، رسوم متحركة، وأفلام الذكاء الاصطناعي). كما يتضمن المعرض التفاعلي “من الخيال إلى الشاشة” الذي يستعرض مراحل صناعة الفيلم، وسوق الإنتاج الطلابي الذي يجمع أعمالًا من مختلف الجامعات السعودية لتبادل الخبرات.
جلسات حوارية وورش عمل متخصصة
لإثراء التجربة المعرفية، تتضمن الفعاليات جلسات حوارية ونقدية يشارك فيها نخبة من الممثلين والمخرجين والخبراء، تتناول موضوعات مثل “اقتصاد سوق الإنتاج” و”رحلة الخريجين”. بالإضافة إلى ذلك، تُقام ورش تدريبية متقدمة تغطي مجالات الإخراج والسيناريو والتصوير وتقنيات الإنتاج الحديثة، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعة البصرية. ويختتم المهرجان فعالياته التي تقام في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بتكريم الأعمال الفائزة، ليؤكد على دوره كرافد أساسي يغذي مشهد السينما السعودية الصاعد بطاقات شابة ومبدعة.