جدل متجدد في آنفيلد
“يبدو أن محمد صلاح لم تعد قدماه كما السابق”.. كلمات قاسية أطلقها جيمي كاراغر، أسطورة دفاع ليفربول، لتلخص حالة من الجدل بدأت تطفو على السطح في أروقة النادي الإنجليزي العريق. هذا التصريح، الذي جاء في أعقاب تراجع أداء الفريق في مراحل حاسمة من الموسم، أعاد طرح سؤال شائك: هل أصبح ليفربول فريقاً أفضل بدون نجمه الأول محمد صلاح؟ فبعد سنوات من التألق غير المسبوق، وجد “الملك المصري” نفسه في قلب عاصفة من التساؤلات حول مستواه ومستقبله، خاصة مع دخول النادي حقبة جديدة بعد رحيل المدرب يورغن كلوب.
السياق التاريخي: صلاح أيقونة لا تُمس
قبل الخوض في تفاصيل الحاضر، من الضروري التذكير بالمكانة التي يحتلها محمد صلاح في تاريخ ليفربول. منذ انضمامه في عام 2017، حطّم صلاح الأرقام القياسية الواحد تلو الآخر، وأصبح أحد أفضل الهدافين في تاريخ النادي. لقد كان القوة الدافعة وراء تحقيق أعظم الإنجازات في العصر الحديث، وعلى رأسها الفوز بدوري أبطال أوروبا عام 2019 والدوري الإنجليزي الممتاز في 2020 بعد غياب دام 30 عامًا. لقد تحول صلاح من مجرد لاعب كرة قدم إلى أيقونة عالمية ورمز للنجاح، مما يجعل أي نقاش حول دوره في الفريق أمراً شديد الحساسية لدى الجماهير.
تأثير الأداء الأخير ومستقبل غامض
شهدت نهاية موسم 2023-2024 تراجعاً ملحوظاً في المستوى التهديفي لصلاح، بالتزامن مع تعثر الفريق وخروجه من المنافسة على لقب الدوري. قرار المدرب السابق يورغن كلوب بوضعه على مقاعد البدلاء في بعض المباريات الهامة، والمشادة الكلامية الشهيرة التي حدثت بينهما على خط التماس، صبّت الزيت على النار وزادت من حدة التكهنات. يرى بعض المحللين أن الفريق أظهر ديناميكية مختلفة في غيابه، مع زيادة في الحركة والضغط الجماعي، بينما يرى آخرون أن غياب حلوله الفردية وقدرته على حسم المباريات كان له أثر سلبي واضح. هذه المعضلة التكتيكية ستكون أول وأهم التحديات التي تواجه المدرب الجديد، الهولندي آرني سلوت، الذي سيتعين عليه تحديد الدور الذي سيلعبه صلاح في منظومته الهجومية.
الأبعاد الاقتصادية وعروض الدوري السعودي
لا يمكن فصل النقاش الفني عن الجانب الاقتصادي، خاصة مع الاهتمام الكبير والمستمر من أندية الدوري السعودي للمحترفين بضم صلاح. العروض المالية الضخمة التي قُدمت في الصيف الماضي، والتي من المتوقع أن تتجدد، تضع إدارة ليفربول أمام قرار استراتيجي صعب. فمن ناحية، يمثل صلاح قيمة تسويقية هائلة للنادي، ومن ناحية أخرى، قد يكون بيعه الآن فرصة لتمويل عملية إعادة بناء الفريق بلاعبين أصغر سناً يتناسبون مع رؤية المدرب الجديد. هذا الاهتمام الإقليمي والدولي يضيف بعداً آخر لمستقبل صلاح، حيث لم يعد قراره محصوراً بين البقاء في ليفربول أو الانتقال لنادٍ أوروبي آخر، بل أصبح خيار الانتقال إلى الشرق الأوسط مطروحاً بقوة.
خلاصة: مفترق طرق لصلاح وليفربول
في النهاية، الإجابة على سؤال “هل ليفربول أفضل بدون صلاح؟” ليست بسيطة. فبينما قد تشير بعض الإحصائيات قصيرة المدى إلى إمكانية تأقلم الفريق بدونه، يظل إرثه وتأثيره الحاسم على مدار سنوات طويلة حقيقة لا يمكن إنكارها. يقف كل من صلاح والنادي عند مفترق طرق حقيقي؛ فإما أن يجدد “الفرعون المصري” دوافعه ليثبت أنه لا يزال قادراً على قيادة هجوم الريدز في الحقبة الجديدة، أو أن يقرر الطرفان أن وقت التغيير قد حان بالفعل، لتُطوى بذلك صفحة من ألمع صفحات تاريخ النادي.